للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب هزيمة المسلمين يوم أحد]

قال تعالى: ((وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ)) قال ابن عباس: وعدهم الله النصر.

وقد يستدل بهذه الآية على أحد القولين المتقدمين في قوله تعالى: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران:١٢٤ - ١٢٥]، ففي تفسير هذه الآية قولان: القول الأول: أن هذا الوعد كان يوم بدر، والقول الثاني: أنه كان يوم أحد، وهذا أقرب.

يقول: وقد استدلوا بهذه الآية: ((وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ)) على أن ذلك كان يوم أحد؛ لأن عدوهم كان ثلاثة آلاف مقاتل، فلما واجهوهم كان الظفر والنصر أول النهار لأهل الإسلام، فلما حصل ما حصل من عصيان الرماة وفشل بعض المقاتلة عن الاستمرار في القتال تأخر الوعد الذي كان مشروطاً بالثبات والطاعة، ولهذا قال تعالى: ((وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ)) أي: أول النهار.

((إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ)) أي: تقتلونهم، والحس: القتل، أي: تقتلونهم بإذنه، وبتسليطه إياكم عليهم.

((حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ)) قال ابن جريج: قال ابن عباس: الفشل: الجبن.

((وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ)) كما وقع للرماة.

((مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ)) وهو ظفركم بهم.

((مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا)) وهم الذين رغبوا في المغنم حين رأوا الهزيمة.

((وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ)) أي: ثم أدالهم عليكم ليختبركم ويمتحنكم.