للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان خطأ من يظن أن الكلام في مسائل العقيدة والتوحيد يفرق المسلمين]

كذلك من الخطأ البين والخطر الظاهر أن يظن أحد أن الكلام في مسائل العقيدة والتوحيد يفرق المسلمين، وينفر الكثيرين منهم، وأن المسلمين اليوم في حاجة إلى التوحد والتجمع! وللجواب عن هذا الشبهة نقول: إن الله قد قضى بعدله وحكمته أن الفرقة والاختلاف في التزام البدع، وأن الوحدة والائتلاف في التزام السنة، فمنهجنا في ذلك تحقيق كلمة التوحيد، ليحقق الله لنا وحدة الكلمة؛ فبتحقيق كلمة التوحيد منا يحقق الله لنا وحدة الكلمة.

وأما من سعى إلى توحيد الصفوف مع السكوت عن البدع، أو موافقتها فلعل هذه أخطر قضية نختلف فيها مع منهج الإخوان، أو كثير من المناهج الأخرى التي تتبنى نفس الموقف، فمثلاً: جماعة التبليغ تقول: لا تكلموا الناس في العقيدة؛ لأن هذا سيؤدي إلى التفرق، وسيؤدي إلى نفرة الناس، وإنما كلموا الناس في الصلاة، وفي فضائل الأعمال الكثيرة.

فلن يفلح من سعى إلى توحيد الصفوف بهذه الطريقة، سواء بالسكوت على البدع، أو بموافقتها، فمن أجل أن يتقرب منهم يقوم بمشاركتهم، مثل الذي يقول: إننا ينبغي أن ننصب خيامنا في الموالد، ونقول أشعارنا وإنشادنا الذي يخالف إنشاد الصوفية قليلاً، فقد أوجدنا لهم البديل، ونحو ذلك.

وإن القريبين من الاتجاهات السلفية من الإخوان لا يعملون هذا، لكن هناك اتجاهات كثيرة يعملون هذا، فلو ضعف الاتجاه السلفي، ولم يصبح يُعمل له حساب، فإن هذه الانحرافات ستظهر بقوة شديدة جداً؛ إذ إنها موجودة في أصل المنهج، فقوة المنهج السلفي في مكان ما يجعل أصحاب البدع يستحيون من أنهم يعلنون بدعتهم بصراحة، فلن يقولوا الكفر البواح الذي يعتقدونه في كثير من المواقف، فهم سيخافون أن يقال عنهم: إنهم يدعون غير الله لكن قد يقولون: يجوز لنا أن نقول: يا سيدي فلان ادع الله لي، لكن لا يقول: ارحمني واغفر لي وأغثني.

والمعتزلة كانوا سبباً في إسلام كثير من المتفلسفة؛ لأنهم ردوا عليهم بقوة في الدفاع عن الإسلام، وكذلك الأشاعرة، لكن من يسعى إلى مخالفة منهج السلف فلن يزيد سعيه للمسلمين إلا فرقة واختلافاً، لكونه لم يسلك القاعدة النبوية عند الاختلاف، وإن سلك ما أسماه بالقاعدة الذهبية، لكن القاعدة الذهبية النبوية السلفية هي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل بدعة ضلالة).