للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جلب الدعاء لأسباب السعادة]

{وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [مريم:٤٨] أي: ما يدعون من دون الله من آلهة باطلة، {وَأَدْعُو رَبِّي} [مريم:٤٨]، أفرده بالدعاء الذي هو العبادة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة).

قال تعالى: {عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} [مريم:٤٨]، والدعاء من أعظم أسباب السعادة، فمن دعا الله عز وجل، بأن دعاه إلهاً واحداً لا شريك له، ودعاه لقضاء حوائجه، وأثنى عليه بما هو أهله، فهذا يسعد في الدنيا والآخرة، وعسى: محققةٌ من الله تعالى، وهي على ألسنة أنبيائه منه سبحانه وتعالى.

فلذا قال: {عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} [مريم:٤٨]، وكما قالها زكريا عليه السلام: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم:٤]، فلا يشقى إنسان مع الدعاء، فالدعاء من أعظم أسباب الراحة والنجاة والسعادة والفوز والفلاح، فلا يتركه إلا جاهل، وهو السلاح الأعظم الذي ننتصر به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وهل تنصرون إلا بضعفائكم؟!).

أي: بدعائهم، وتضرعهم، وانكسارهم، ومن حكم تقدير الله عز وجل بالبلاء على المؤمنين: أن تنكسر قلوبهم له، ويستشعرون فقرهم وعجزهم وحاجتهم إلى الله سبحانه وتعالى، فيكثرون من الدعاء، وهم مستشعرون أن ليس لهم إلا الله، ولا سبيل لهم إلا بالتوجه إليه سبحانه وتعالى، وأن ليس لهم من دونه من ولي ولا نصير، وأنه سبحانه وتعالى مولاهم، ولا يوجد لهم مولى سواه، وأهل الأرض جميعاً قد تركوهم، بل قد اجتمعوا عليهم، ورموهم عن قوس واحدة، فقدر الله ذلك لتلتجئ القلوب إلى الله، وتصعد الأدعية إلى الله، ولا يشقى مع الدعاء أحد إلا من حرمه الله، ونسأل الله ألا يحرمنا دعاءه وإجابته بفضله سبحانه وتعالى.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، واجعل تدميره في تدبيره، واجعل الدائرة عليه يا رب العالمين.

ربنا اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.

اللهم نج المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المجاهدين والدعاة إليك في كل مكان، اللهم مكن لكتابك ودينك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم وعبادك المؤمنين.

ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.

اللهم إنا نسألك بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيينا ما علمت الحياة خيراً لنا، وتوفنا ما علمت الوفاة خيراً لنا، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الفقر والغنى، ونسألك نعيماً لا ينفد، ونسألك قرة عين لا تنقطع، ونسألك برد العيش بعد الموت، ونسألك الرضا بعد القضاء، ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة.

اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا.

اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا.