للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوسائل المؤدية إلى حب الله تعالى والتوكل عليه]

السؤال

بعض الناس من الذين يقرءون في كتب التوحيد فيأمروننا بقضايا العبادات القلبية كالحب والتوكل وغيرها فيقول: أنا لا أستوعب منها شيئاً؛ لأني أشعر أن ما يذكر في أمثلة الحب مثلاً ليس منطبقاً علي، عندما أحاول أن أستشعر ذلك، فهل هذه العبادات تظهر عند أوقات معينة أو مواقف عارضة، أم أنه يجب على الإنسان أن يشعر بهذا الحب مع العلم بأنه على طاعة الله ويجتنب معصيته، فهل هذا كاف في الاستدلال على الحب؟

الجواب

لا، لا يكون هذا كافياً، فلابد للعبد أن يستمر على الطاعة ويخلص فيها، ويستمر على ترك المعصية ويخلص في ذلك، ويستحضر أمور الإيمان كالتصديق الجازم بأسماء الله وصفاته ووحدانيته، وشهود آثار الأسماء الحسنى والصفات العلى، والتفكر في أمر الآخرة حتى ينبت الحب في قلب العبد من مشاهدة جمال الأسماء والصفات، وآثار الكمال؛ لأن العبد جبل وفطر على حب الجمال والكمال، ولا أكمل ولا أحسن، ولا أجمل من أسماء الله وصفاته، فإن الله جميل يحب الجمال، وله الأسماء الحسنى فلا أحسن من أسمائه المتضمنة لأحسن الصفات العلى، وهذا الأمر أول ما على العبد أنه يشهده ويحلق فيه بعين القلب، فإن الله يريه هذا الجمال فيلتفت قلبه للحب.

وكذلك مشاهدة المنن والنعم، فكلما ازدادت مشاهدته للنعم نبت الحب في قلبه؛ ولذلك فإنه لابد مع الطاعة من أن يستشعر حبه على الدوام، ولكن بلا شك أن الأمر متفاوت، والذي يجعله أن ينال أعظم الحب هو تدبر القرآن؛ لأنه يرشده إلى نعم الله، ويرشده إلى كمال أسمائه وصفاته، ودائماً سور القرآن بل لا تخلو آية من ذكر أسماء الله عز وجل وصفاته، أو على الأقل من التنبيه على ذلك، أو فعل من الأفعال، وكلما شهد العقل ذلك ازداد حباً لله سبحانه وتعالى، فأنت إذا رأيت العدل والكرم والجود والرحمة وتيقنتها أحببت الله بلا شك، وكذلك الاجتهاد في الحفاظ على النوافل حتى تصل إلى درجة الحب والمحبوبين.

فاتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم يقود إلى المحبة، والمحبة تقود إلى المحبوبين، والطاعة دليل الحب، وليس ضرورياً أن تكون الطاعة موجودة مع الحب؛ لأنه لا يوجد حب من غير طاعة، ولكن قد توجد طاعة من غير حب، فالمنافقون ناقصو الإيمان، والمؤمن كامل الإيمان، فلابد أن يكون الله أحب إليه من كل شيء.

ومن الوسائل المؤدية إلى الحب: الدعاء؛ لأن القلوب بيد الله سبحانه وتعالى، وهو الذي يوفق سبحانه وتعالى.

ولذلك شرع لنا مثلاً الإخلاص وأن نتعوذ به من الشرك والرياء والسمعة.

اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين.

اللهم اجعل أعمالنا كلها صالحة، واجعلها لوجهك خالصة، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً.

اللهم ارزقني حبك، وحب من أحبك، والعمل الذي يبلغني حبك.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>