للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بداية وسوسة إبليس لآدم]

والله خلق آدم للأرض أولاً: ابتلاءً، لكنه ينزل بدون سبب، فربنا قدر المقادير بالأسباب، قال تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ} [الأعراف:٢٠]، فالذين قالوا: إنه دخل في فم الحية إلى الجنة، فهل هناك احتياج إلى ذلك؟! الله عز وجل لم يخبرنا أن إبليس دخل الجنة، فالوسوسة ربما تحصل من بعيد، والآن توجد وسائل للإفساد عن بعد، كالأقمار الصناعية، فهي تفسد في الأرض مشارقها ومغاربها من بعيد جداً نسأل الله العفو والعافية، فليس بلازم أن يكون معنى (فوسوس لهما) أنه دخل الجنة، فمن الممكن أن يوسوس لهما ويخاطبهما من بعد.

قال تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا} [الأعراف:٢٠]، فهو عرف أن المدخل من كشف العورات: (ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما) وقد كانا لا يريان عورتيهما، فهما إما في نور أو في غير ذلك والله عز وجل أعلم، إنما كانا لا يريان عورتيهما، فأراد الشيطان أن يبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما، إذاً: فخطة إبليس اللعين والعياذ بالله هي كشف السوءات، فأول شيء يصل إليه في بني آدم أنه يدعوهم إلى كشف العورات؛ ولذلك فهذا التبرج مفسدة إبليسية كبرى، فالناس اليوم يكشفون عوراتهم؛ لكن ما هو الذي يجعله يكشف عورته أمام الناس؟! إبليس والعياذ بالله، وإلا فالفطرة السوية أنه يغطي عورته ويحب التغطية، ولا يحب أن تنكشف العورة فينقلب الحال إلى حال سيئة، وربما يتعود الناس أن يروا والعياذ بالله الصور العارية تماماً والأفلام الخطيرة الجنسية التي تكون أمام الملايين من البشر، لكن أهل الحياء يستحي ربما أن تبدو عورته أمام أهله أو أمام نفسه ربما، فكيف إذا كان هذا أمام الملايين من البشر نعوذ بالله؟! فهذا التبرج هو فتنة إبليس الأساسية؛ ولذلك فكل متبرجة وكل كاشف عن عورته أمام الناس هو تابع لأمر إبليس في هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>