للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما جاء في الجعالة]

قال المؤلف رحمه الله: [باب الجعالة.

وهي أن يقول: من رد لقطتي أو ضالتي أو بنى لي هذا الحائط فله كذا، فمن فعل ذلك استحق الجعل].

والجعل هو: شيء يخرجه الإنسان يتبرع به لمن عمل عملاً, مثل: من يضيع عليه شيء فيقول: من رد لقطتي فله كذا وكذا، فإذا أتى بها إنسان فيستحق الجعل أو يقول: ضاع مني بعير فمن يأتي به فله كذا فإن أتى به إنسان استحق الجعل.

أو يقول: من بنى لي هذا الجدار أو هذا البيت فله كذا وكذا فجاء إنسان وبناه فله الجعل؛ لقول الله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف:٧٢] في قصة إخوة يوسف قال تعالى: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ * قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ * قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف:٧٠ - ٧٢] يعني: كفيل.

قال المؤلف رحمه الله: [وهو أن يقول: من رد لقطتي أو ضالتي أو بنى لي هذا الحائط فله كذا، فمن فعل ذلك استحق الجعل؛ لما روى أبو سعيد: (أن قوماً لدغ رجل منهم فأتوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: هل فيكم من راق؟ فقالوا: لا، حتى تجعلوا لنا شيئاً، فجعلوا لهم قطيعاً من الغنم، فجعل رجل منهم يقرأ بفاتحة الكتاب ويرقي ويتفل حتى برأ فأخذوا الغنم وسألوا عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: وما يدريك أنها رقية؟ خذوا واضربوا لي معكم بسهم)].

وهذا دليل أيضاً من السنة على جواز الجعالة، فالدليل الأول قوله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف:٧٢].

والدليل الثاني: حديث أبي سعيد وهو في الصحيحين في قصة اللديغ وذلك أن قوماً من الصحابة استضافوا حياً من العرب فلم يضيفوهم ولم يقروهم، فلما ذهبوا عنهم لدغ سيدهم فجعلوا ينادونهم ويقولون: إن سيدنا لدغ وإنا فعلنا الأسباب ولم يستفد منها، فهل فيكم من راق؟ أو هل عندكم أحد يرقي؟ فقالوا: نعم، ولكن لا نعطيكم إلا بجعل؛ لأنكم لم تقرونا، فاجعلوا لنا جعلاً فاتفقوا معهم على قطيع من الغنم فجاء أحدهم وأخذ بيده أو برجله وجعل يقرأ الفاتحة ويتفل ويقرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:٢] فجعل السم يسيل ويخرج.

وقد كان الصحابة يظنون أنه ليس قارئاً، فقالوا: يا فلان! ما نعلم وما نعرفك قارئاً.

قال: والله ما رقيت إلا بأم الكتاب.

فساقوا القطيع من الغنم، ثم تحرجوا وقالوا: كيف نأخذها ولم نسأل النبي صلى الله عليه وسلم؟ فلما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وما يدريك أنها رقية، خذوها واضربوا لي معكم بسهم) من باب تطييب نفوسهم.

وكأنه: يقول: أنا شريك لكم فاجعلوا لي سهماً منها؛ حتى يطيب نفوسهم ويطمأنوا أنها لا شبهة فيها.

ولمن يرقي بالفاتحة أن يقرأ دون تحديد فيكررها مرتين وثلاثاً.

والحديث فيه دليل على: أنه لا بأس بأخذ الأجرة على الرقية، ولكن لا يستغل الناس, مثل بعض الناس الآن الذين يستغلون حاجة الفقير؛ لأنهم قد لا يتمكنون مثلاً من الكسب وكذلك أخذ الأجرة على تعليم القرآن لا بأس بها.

ويجوز أن يقرأ معها آية الكرسي والمعوذتين وقل هو الله أحد ويأتي بالتعوذات المسنونة، مثل: (اللهم رب الناس مذهب البأس).