للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أمثلة على المقادير التي تجوز الوصية بها]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن وصى له بمثل نصيب أحد ورثته فله مثل أقلهم نصيباً يزاد على الفريضة].

إذا وصى بمثل نصيب أحدهم يعطى عطاء أقل واحد، فلو مات شخص مثلاً عن جدة وابن فالمسألة من ستة الجدة لها السدس يعني: واحد والابن له خمسة، وقال: وأوصى لشخص أن يعطى مثل نصيب واحد من الورثة، فيعطى مثل أقل نصيب واحد؛ فيعطى سهماً واحداً، فيجعل سبعة أسهم سهم وصية، وواحد للجدة وخمسة للابن، فإذا كانت الجدة هي أقل نصيب يعطى مثلها، فتكون المسألة من سبعة، ونصيب سهم وصية، ثم يبقى ستة، للجدة واحد والابن خمسة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فلو خلف ثلاثة بنين ووصى بمثل نصيب أحدهم فله الربع].

لو مات شخص عن ثلاثة أبناء فقط، فالمسألة من ثلاثة، فلكل واحد ثلث المال، فإذا وصى بمثل نصيب واحد تجعل المسألة من أربعة، سهم للموصى به وثلاثة أسهم للبنين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإن كان معهم ذو فرض كأم صححت مسألة الورثة بدون الوصية من ثمانية عشرة، وزدت عليها بمثل نصيب ابن فصارت من ثلاثة وعشرين].

أي: إذا قال: أوصي بمثل نصيب وارث، إذا كانوا ثلاثة أبناء تكون المسألة من أربعة؛ لأن كل واحد له الثلث ونزيد عليها واحداً فتكون أربعة أسهم، لكن إذا كان معهم أم تكون المسألة من ستة للأم السدس واحد والباقي خمسة للأبناء وهم ثلاثة أبناء، فنأخذ ثلاثة ونضربها في أصل المسألة ستة تصبح ثمانية عشر، للأم واحد في ثلاثة يساوي ثلاثة، وللأبناء خمسة في ثلاثة يساوي خمسة عشر، فلكل واحد خمسة إذا صحت من ثمانية عشر صار لكل واحد خمسة، إذاًً: نزيد خمسة على ثمانية عشر فتصير ثلاثة وعشرين.

فإن كان معهم والوصية لملك أحد البنين، والمعنى يحمل على هذا، يعني: إذا كان بنصيب أحد البنين، أما إذا قال: بمثل أحد الورثة فيكون أقل الورثة الأم، هذه مبنية على العبارة الثانية، لكنه قال: فإن كان معهم وقد وصى بمثل أحد أبنائه فتكون المسألة تصح من ثمانية عشر ويزاد عليه خمسة، على هذا قول مقيد بمثل أحد البنين لا أحد الورثة.

فإن قيل: إذا وصى الرجل بأكثر من الثلث فهل تنفذ الوصية؟

الجواب

لا يجوز تنفيذ الوصية إلا بإذن الورثة، حتى إذا كانت الوراثة واحدة فبإذنها.

قوله: فإن كان معهم ذو فرض كأم صححت مسألة الورثة بدون الوصية من ثمانية عشر.

لأن للأم السدس، والباقي خمسة، والأبناء ثلاثة فإن كثر على رءوسهم الرباعية نضرب ثلاثة في خمسة تصير خمسة عشر، ثلاثة في ستة بثمانية عشر، فتصح من ثمانية عشر، وللأم السدس نصيب واحد، فتقول: واحد في ثلاثة تصير ثلاثة ولهم ثلاثة في خمسة تصير خمسة عشر، فلكل واحد خمسة، ونزيد عليها سدس ثمانية عشر فتصير ثلاثة فتكون بدلاً من ثمانية عشر واحداً وعشرين، ونعطي ثلاثة للموصى له والأم ثلاثة والباقي للأبناء للورثة.

لكن المؤلف قال: (من ثلاثة وعشرين)؛ لأن الأبناء كل واحد يأخذ خمسة فيأخذ الموصى خمسة إذا وصى الموصي بمثل أحد الأبناء، أما إذا وصى بمثل أقل الورثة فإنه يعطى السدس نصيب أقل الورثة وأقلهم الأم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولو وصى بمثل نصيب أحدهم ولآخر بسدس باقي المال جعلت صاحب سدس الباقي كذي فرض وصححتها كالتي قبلها].

فيعطى صاحب الفرض السدس كأنه يعطى السدس، والثاني بمثل نصيب أحد الأبناء فيعطى مثل نصيب الأبناء، فالذي أوصى له بالسدس من الباقي يعطى السدس، والذي وصى له بمثل نصيب الورثة يعطى مثل أحدهم، فيكون كأنهم أربعة أبناء وسدس.

وهذه من الأشياء النادرة، فالمؤلف رحمه الله طول في هذه الصور وجعلها كأنها مسائل فرضية تقسم، والغالب أن الإنسان إما أن يوصي له بشيء معين مفروض له أو الثلث أو بقدر من الدراهم، أما إذا أوصى بمثل نصيب الورثة أو قال: سدس الباقي فهذا نادر وقليل، وقد لا يقوله إلا بعض من كان عنده شيء من العلم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإن كانت وصية الثاني بسدس باقي الثلث صححتها كما قلنا سواء، ثم زدت عليها مثليها فتصير تسعة وستين، وتعطي صاحب السدس سهما واحداً والباقي بين البنين والوصي الآخر أرباعاً، وإن زاد البنون على ثلاثة زدت صاحب السدس الباقي بقدر زيادتهم، فإن كانوا أربعة أعطيته مما صححت منه المسألة سهمين، وإن كانوا خمسة فله ثلاثة، وإن كانت الوصية بثلث باقي الربع والبنين أربعة فله سهم واحد].

فله سهم واحد؛ لأن الثلث الباقي يساوي السدس.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن زاد البنون على أربعة زدته بكل واحد سهماً].

إذا قال: له مثل نصيب الواحد وهم أربعة فاجعلهم خمسة، وإن كانوا خمسة فاجعلهم ستة، وهكذا تزيد واحداً، وتعطيه مثل نصيب أحدهم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن زاد البنون على أربعة زدته بكل واحد سهماً، وإن وصى بضعف نصيب وارث أو ضعفيه فله مثلا نصيبه].

وصى بضعفه أو ضعفيه، فيعطى مثل النصيب مرتين، إذا قال: أوصي لفلان بضعفي ما لأحد الورثة، ينظر إذا كان أقل الورثة السدس يعطى السدسين؛ لأن الضعف مثل الشيء مرتين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وثلاثة أضعاف (ثلاثة أمثاله)].

إذا قال: أعطوا فلاناً ثلاثة أضعاف، ننظر أقل الورثة إذا كان السدس نعطيه ثلاثة أضعاف السدس مثل السدس، يعني: ثلث وسدس، وذلك مثله ثلاث مرات.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن وصى بجزء مشاع كثلث أو ربع أخذته من مخرجه] ثلث أو ربع، مخرج الثلث من ثلاثة ومخرج الربع من أربعة، إذا كان وصى بثلث أو بربع يعطى سهم من أربعة، أو سهم من ثلاثة، وإن زاد على الثلث فلابد من إجازة الورثة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقسمت الباقي على الورثة وإن وصى بجزأين كثلث وربع أخذتهما من مخرجهما].

الثلث من ثلاثة والربع من أربعة، تصير ثلثاً وربعاً، هذا بعد إجازة الورثة ما زاد على الثلث؛ لأنه لا يجوز الوصية بأكثر من الثلث إلا بإذن الورثة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن وصى بجزأين كثلث وربع أخذتهما من مخرجهما وهو اثنا عشر وقسمت الباقي على الورثة].

يعني: ثلاثة في أربعة باثني عشر، إذ المفروض يكون ثلاثة، ومخرج الربع من أربعة وبينهما مباينة، فاضرب ثلاثة في أربعة باثني عشر، فتعطيه الربع من اثني عشر تصير ثلاثة، وتعطيه الثلث من اثني عشر فتصير أربعة، فيكون له سبعة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإن ردوا جعلت سهام الوصية ثلث المال وللورثة ضعف ذلك].

أي: إن رد الورثة وقالوا: هذا زاد على الثلث، ثلاثة وأربعة سبعة، قال: تعطيه الثلث فقط، وللورثة ضعف ما للموصى له مرتين، يعني: الثلثان للورثة والثلث للموصى.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن وصى بمعين من ماله فلم يخرج من الثلث فللموصى له قدر الثلث إلا أن يجيز الورثة].

يعني: إذا قال: أوصي لفلان بيتي الفلاني، العمارة الفلانية لفلان، فلما مات وجدنا العمارة نصف التركة، نقول: ما نعطيه نصف التركة نعطيه مقدار الثلث إلا إذا أجاز الورثة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن زادت الوصايا على المال كرجل وصى بثلث ماله لرجل، ولآخر بجميعه ضممت الثلث إلى المال فصار أربعة أثلاث، وقسمت التركة بينهما على أربعة إن أجيزت لهما].

إذا قال: فلان له جميع مالي، وفلان له الثلث ننظر جميع المال ثلاثة أثلاث، والذي له الثلث صارت أربعة أثلاث نقسهما ونعطيهم سهماً فيكون الربع أو الثلث إن أجاز الورثة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولو وصى بمعين لرجل ثم وصى به لآخر، أو أوصى إلى رجل ثم أوصى إلى آخر فهو بينهما].

كأن يقول: هذا البيت لمحمد بن عبد الرحمن، ثم قال: هذا البيت لعبد العزيز بن عبد الله فإنه يقسم بينهما ويصير البيت لهم نصفين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن قال: ما أوصيت به للأول فهو للثاني بطلت وصية الأول].

كأن يكون أوصى لمحمد بن عبد الله ببيت، ثم أوصى به لعبد الرحمن بن عبد الله، وقال: ما أوصيت به للأول فهو للثاني معناه أبطل وصية الأول ويعطى الثاني؛ لأن الوصية الثانية ناسخة للوصية الأولى.

وتقسم على كتاب الله.

ويجوز الرجوع في الوصية بإجماع منهم؛ لأنها عطية تتنجز بالموت فجاز له الرجوع فيها قبل تنجزها كهبة ما يفتقر إلى القبض قبل تقبيضه يجوز الرجوع في الوصية على الإنسان إذا أوصى ثم أراد أن يغير في الوصية أو يزيد أو ينقص أو يلغيها له ذلك، قال: أوصيت لفلان بعد وفاتي، ثم بدا له شيء جديد، فقال: أنا أوصيت له بالربع وأوصي له الآن بالثلث، أو قال: أنا أوصيت بالربع وأوصي له بالخمس، أو قال: عدلت عن الوصية، فلا أوصي بشيء فله أن يغير ويبدل ويزيد وينقص؛ لأنه ماله وهو مادام في حال حياته فحكمه لا ينفذ إلا بعد الموت، والرجوع في الوصية نقلوا الإجماع فيها عن أهل العلم؛ لأنها عطية تتنجز بالموت، فجاز له الرجوع فيها قبل تنجزها كهبة ما يفتقر إلى القبض قبل تقبيضه.