للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما جاء في إباحة إلقاء العالم على تلاميذه المسائل]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ذكر الخبر الدال على إباحة إلقاء العالم على تلاميذه المسائل التي يريد أن يعلمهم إياها ابتداءً، وحثه إياهم على مثلها.

أخبرنا ابن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا ابن وهب أخبرنا يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني أنس بن مالك: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس فصلى لهم صلاة الظهر، فلما سلم قام على المنبر فذكر الساعة، وذكر أن قبلها أموراً عظاماً، ثم قال: من أحب أن يسألني عن شيء فليسألني عنه، فوالله لا تسألوني عن شيء إلا حدثتكم به ما دمت في مقامي، قال أنس بن مالك: فأكثر الناس البكاء حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: سلوني سلوني، فقام عبد الله بن حذافة فقال: من أبي يا رسول الله؟ قال: أبوك حذافة، فلما أكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يقول: سلوني، برك عمر بن الخطاب على ركبتيه، قال: يا رسول الله، رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً، قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عمر ذلك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، لقد عرض علي الجنة والنار آنفاً في عرض هذا الحائط فلم أر كاليوم في الخير والشر)].

هذا الحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال هذا مغضباً عليه الصلاة والسلام، أغضبه بعض الناس وأراد أن يسأله على سبيل التعجيل، فصعد المنبر وقال: (لا تسألوني في مقامي هذا عن شيء إلا حدثتكم به) وقال هذا بوحي من الله، وجعل يقول: (سلوني سلوني) فقام رجل يدعى عبد الله بن حذافة السهمي وكانوا قد شكوا في نسبه، وكان إذا تخاصم هو وغيره عيره بنسبه وأنه ليس بمعروف، فأراد أن يعرف، فقال للرسول: (من أبي؟ قال: أبوك حذافة) يعني: ثبت نسبه.

قال: أبوك حذافة السهمي.

ويقال: إن أمه قالت له: ما رأيت ابناً عاقاً مثلك، ألا تخشى أن تكون أمك قد اقترفت ما يقترفه الجاهلية فتفضحها سائر الدهر؟ يعني: ما تخشى أن يكون يعني: أبوك غير معروف بسبب ما تفعل أمك من فعل أهل الجاهلية، فقال: لا، أنا أريد أن أعرف نفسي، والله لو ألحقني بكذا للحقت به فلما رأى عمر رضي الله عنه غضبه عليه الصلاة والسلام قال: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً حتى سكن غضبه عليه الصلاة والسلام.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد عرض علي الجنة والنار) يعني: في تلك الحال عرضت عليه الجنة وعرضت النار فقال: (لم أر كاليوم في الخير والشر) فقد عرضت عليه الجنة والنار في وقت واحد.

قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم وهو في صحيحه، وأخرجه عبد الرزق ومن طريقه أخرجه أحمد والبخاري في الاعتصام.

<<  <  ج: ص:  >  >>