للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحث على تعليم كتاب الله وإن لم يتعلم الإنسان بالتمام]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الحث على تعليم كتاب الله، وإن لم يتعلم الإنسان بالتمام.

أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان أنبأنا عبد الله عن موسى بن علي بن رباح قال: سمعت أبي يقول: سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال: أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان أو العقيق، فيأتي كل يوم بناقتين كوماوين زهراوين يأخذهما في غير إثم ولا قطيعة رحم؟ قالوا: كلنا يا رسول الله يحب ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من عدادهن من الإبل)].

هذا أخرجه مسلم في صحيحه، وبطحان واد في المدينة (أيحب أحدكم أن يغدو إلى بطحان فيحصل على ناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطيعة رحم)، وفي مسلم: (قالوا: كلنا يحب ذلك، فقال: والذي نفسي بيده! لأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، ومن أعدادهن).

قال في تخريجه: أخرجه مسلم وأبو داود.

[قال أبو حاتم: هذا الخبر أُضمر فيه كلمة، وهي: لو تصدق بها، يريد بقوله: (فيتعلم آيتين من كتاب الله خير من ناقتين وثلاث) لو تصدق بها؛ لأن فضل تعلم آيتين من كتاب الله أكبر من فضل ناقتين وثلاث وعدادهن من الإبل لو تصدق بها؛ إذ محال أن يشبه من تعلم آيتين من كتاب الله في الأجر بمن نال بعض حطام الدنيا، وصح بما وصفت صحة ما ذكرت].

هذا فيه نظر، وهو خلاف ظاهر الحديث؛ لأنه لو تصدق بهن صار من أعمال الآخرة، وقد قال فيه: (بغير إثم أو قطيعة رحم) يعني: حصل عليها وتملكه في الدنيا؛ لأن هذا يرغب الله فيه، مثل أن تقول: لأن تغدو إلى المسجد فتعلم آيتين خير لك من أن تحصل على سيارتين، وثلاث خير من ثلاث ومن أعدادهن.

والحافظ رحمه الله له تأويلات، لكن هذه في الفروع وستأتي تأويلات في الاعتقاد.

قوله: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) يعني: خير لك من أن تتصدق بها من جنسه، خير لك من أن تحصل على الإبل التي هي الحمر التي هي أنفس أموال العرب.

وقوله: [ذكر الحث على تعليم كتاب الله وإن لم يتعلم الإنسان بالتمام].

يعني: لو لم يتعلم تعلماً كاملاً، ولو كان يحفظ بعض الآيات.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الفضل بن حباب الجمحي حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعلموا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، وعليكم بالزهراوين: البقرة وآل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو فرقان من طير تحاجان عن أصحابهما، وعليكم بسورة البقرة فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة)].

البطلة هم السحرة: (اقرءوا القرآن فإنه يأتي شفيعاً يوم القيامة لأصحابه) هذا أخرجه مسلم في صحيحه، قال في تخريجه: حديث صحيح رجاله ثقات رجال مسلم، ويحيى بن أبي كثير وإن رواه بالعنعنة توبع عليه، وأخرجه الطبراني وذكره، وأخرجه مسلم في صلاة المسافرين باب: فضل قراءة القرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>