للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر الخبر الموهم بأن الإيمان هو الإقرار بالله وحده دون جعل الطاعات من شعبه]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ذكر خبر أوهم عالماً من الناس أن الإيمان هو الإقرار بالله وحده دون أن تكون الطاعات من شعبه.

أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر عن أبي مالك الأشجعي قال: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من وحد الله وكفر بما يعبد من دونه، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله)].

هذا الحديث فيه دليل على أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، وأن من وحد الله لابد وأن يأتي بالعمل؛ لأن من شروط التوحيد الصلاة، والبعد عن الشرك.

قوله: [من وحد الله وكفر بما يعبد من دونه، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله].

أي: أن من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله، فلابد أن يعبد الله، وتوحيد الله لابد فيه من أداء الشروط، ومنها: أن يكون عمله خالصاً، وأن يؤدي ما أوجب الله عليه من شروط الإيمان ومقتضيات الإيمان، من الابتعاد عن الشرك بجميع أنواعه.

وهذا الحديث أخرجه مسلم.

إذاً: هذا الحديث فيه دليل على أنه لابد من شيئين: إيمان بالله، وكفر بالطاغوت، فالإيمان بالله هو أن يوحد الله، والكفر بالطاغوت هو أن يكفر بما يعبد من دون الله، قال سبحانه وتعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة:٢٥٦].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ذكر وصف قوله صلى الله عليه وسلم: (وحد الله وكفر بما يعبد من دونه).

أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي جمرة قال: (كنت أترجم بين ابن عباس وبين الناس، فأتته امرأة تسأله عن نبيذ الجر، فقال: إن وفد عبد القيس أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من الوفد أو من القوم؟ قالوا: ربيعة، قال: مرحباً بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى، قالوا: يا رسول الله! إنا نأتيك من شقة بعيدة، إن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، وإنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر حرام، فمرنا بأمر نخبر به من وراءنا، وندخل به الجنة، قال: فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع: أمرهم بالإيمان بالله وحده، وقال: هل تدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا الخمس من المغنم، ونهاهم عن الدباء والحنتم والمزفت -قال شعبة: وربما قال: والنقير، وربما قال: المقير- وقال: احفظوه وأخبروه من وراءكم)].

يعني: هذا الحديث يفسر الحديث السابق: (من وحد الله) فهنا فسر الإيمان بالأعمال، قال: (آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان) فإذاً: في هذا الحديث فسر الإيمان بهذه الأعمال، فالمؤلف يقول: هذا الحديث يفسر الحديث السابق: (من وحد الله) أي: من توحيد الله: الصلاة والزكاة والصوم وأداء الخمس.

وهذا الحديث رواه الشيخان: البخاري ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>