للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما جاء في الزجر عن كتبة المرء السنن مخافة أن يتكل عليها دون الحفظ لها]

قال رحمه الله تعالى: [باب الزجر عن كتبة المرء السنن مخافة أن يتكل عليها دون الحفظ لها: أخبرنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا كثير بن يحيى صاحب البصري قال: حدثنا همام عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي لله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تكتبوا عني إلا القرآن؛ فمن كتب عني شيئاً فليمحه).

قال أبو حاتم رضي الله عنه: زجره صلى الله عليه وسلم عن الكتبة عنه سوى القرآن أراد به الحث على حفظ السنن دون الاتكال على كتبتها وترك حفظها والتفقه فيها، والدليل على صحة هذا إباحته صلى الله عليه وسلم لـ أبي شاه كتب الخطبة التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذنه صلى الله عليه وسلم لـ عبد الله بن عمرو بالكتبة].

هذا ما ذهب إليه المصنف رحمه الله، ولكن جاء ما يدل على أن النهي إنما كان لأجل ألا يختلط بالقرآن غيره، فلما استقر الأمر وزال الإشكال أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالكتابة، وأذن صلى الله عليه وسلم بالكتابة؛ فلهذا قال: (اكتبوا لـ أبي شاه)، كان عبد الله بن عمرو يكتب، قال أبو هريرة: إني من أكثر الناس حديثاً إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه يكتب ولا أكتب، المقصود أن النهي عن الكتابة لئلا يختلط بالقرآن غيره، لا لأجل أن يتكلوا على الكتابة، والمعنى الذي ذكره ابن حبان رحمه الله فيه نظر، بل جاء ما يدل على أن النهي إنما هو لئلا يختلط بالقرآن في أول الأمر، ثم رخص بعد ذلك.

وهذا الحديث إسناده قوي، وأخرجه أحمد ومسلم والدارمي والنسائي في فضل القرآن.

وورد النهي في حديث النسائي أنه خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه بغيره، والنهي خاص بكتابة غير القرآن مع القرآن في شيء واحد، والإذن في تفريقهما، أو النهي متقدم والأذن ناسخ له عند الأمن من الالتباس وهو أقربها مع أنه لا ينافيها، وقيل: النهي خاص بمن خشي منه الاتكال على الكتابة دون الحفظ، والإذن لمن أمن منه ذلك، ومنهم من أعل حديث أبي سعيد، وقال الصواب: وقفه على أبي سعيد.

الأقرب أنه خشية الالتباس بالقرآن كما سبق.

قال رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحسين بن أحمد بن بسطام بالأبلة حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان عن فطر عن أبي الطفيل عن أبي ذر رضي الله عنه قال: (تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يطير بجناحيه إلا عندنا منه علم).

قال أبو حاتم: معنى (عندنا منه) يعني: بأوامره ونواهيه وأخباره وأفعاله وإباحاته صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>