للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير المعية عند أهل السنة والجماعة]

السؤال

لماذا أهل السنة لا يمرون قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد:٤] على القاعدة، وهي إثبات المعنى لفظاً وتفويض الكيفية، ويقولون: إنه فوق العرش وهو معنا بعلمه؟

الجواب

أهل السنة والجماعة مدينون للنصوص، ويجمعون بينها، فحينما يقول الله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد:٤] فإنهم يستدلون بنفس النص على المراد بذلك العلم؛ لأن ذكر العلم جاء في مثل هذا النص، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة:٧]، فافتتح الآية بالعلم وختمها بالعلم، فعلم أن معنى ذلك معية العلم.

ثم إن أدلة إثبات الفوقية أدلة ونصوص محكمة واضحة لا لبس فيها، وهي تزيد على ثلاثة آلاف دليل، مثل قوله تعالى: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك:١٦]، فليس فيه إشكال، وقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف:٥٤]، وقوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام:١٨]، وقوله: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل:٥٠].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم حين سأل الجارية -كما في صحيح مسلم -: (أين الله؟ قالت: في السماء، قال: اعتقها فإنها مؤمنة)، فهم يجمعون بين النصوص ويضمون بعضها إلى بعض، فدل ذلك على أن المعية هنا ليس معناها الاختلاط بالمخلوقات، وإنما هي معية علم واطلاع وإحاطة ونصر وتأييد وحفظ للمؤمنين.

فالله تعالى فوق السموات وفوق العرش بذاته، وهو مع الخلق بعلمه واطلاعه وإحاطته وبصره ونفوذ قدرته ومشيئته وتصرفه في خلقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>