للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القائلون بالصدفة]

الطائفة الثالثة من الطوائف التي شذت عن المجموعة البشرية وأنكرت الرب العظيم هم الذين يقولون: إن العالم وجد نتيجة للصدفة، بمعنى أن تجمع الذرات والجزئيات أدى إلى ظهور الحياة فجأة من غير تدبير ولا خالق، فقالوا: إن الذرات والجمعيات تجمعت، فلما تجمعت أدى هذا التجمع إلى ظهور الحياة فجأة وصدفة! وهذا كلام لا يقوله عاقل، فهؤلاء صاروا يتكلمون بمثل كلام المجانين، ولا يمكن أن يقبل هذا الكلام عاقل؛ فإن من نظر إلى هذا الكون العظيم علويه وسفليه المنظم المرتب البديع، فسيقول هذه السماوات العظيمة من الذي أقامها؟! وهذه الأرض من الذي بسطها؟! وكذلك هذه البحار، وهذه الأنهار، وهذه الأشجار.

وهذه الشمس كل يوم تخرج من المشرق وتغرب في المغرب ولا يختل نظامها، وهذا القمر يبدو صغيراً ضعيفاً في أول الشهر في المغرب، ثم يكبر حتى يتم منتصف الشهر، ثم يضعف إلى آخر الشهر ولا يتغيب.

وكذلك خلق الإنسان، فانظر إلى خلقك حينما كنت نطفة في بطن أمك، ثم خلق لك السمع والبصر والعقل، ثم خرجت إلى الدنيا، فهل يمكن أن يوجد هذا نتيجة للصدفة؟! تعالى الله، لكن هؤلاء الملاحدة ألغوا عقولهم، وصاروا كالمجانين، نسأل الله السلامة والعافية.

وما مقالتهم هذه إلا كمقالة من يقول: إن هناك انفجاراً انفجر في المطبعة، فتطايرت الحروف والأرقام، ولما تطايرت الحروف والأرقام جاءت الباء وصارت بجوار السين، والسين بجوار الميم، والميم بجوار الألف، وكذلك اللام والهاء والألف والراء والحاء والميم والنون، والألف والراء والحاء والياء والميم، فتكونت (بسم الله الرحمن الرحيم)، فجأة! ثم تطايرت الحروف وكونت: (الحمد لله رب العالمين)، وهكذا حتى تم الكتاب في مجلدات صدفة، فهل يقول هذا عاقل؟! لا يقول هذا عاقل، وإذا كان هذا لا يمكن في تكون الكتاب؛ فكيف يتكون هذا العالم علويه وسفليه، المنظم المرتب البديع، الذي يحوي فصول السنة التي لا تختلف ولا تتغير، فشتاء وربيع وخريف وصيف على مر السنين والأعوام، كيفيتكون ذلك من غير مدبر؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>