للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيان كينونة الشيء سبباً في غيره

السؤال

تحدثتم فيما مضى عن السبب، وقلتم في معرض كلامكم: إذا اعتقد أن هذا الدواء سبب في العلاج أو الشفاء فإن ذلك شرك أصغر، ولكن الواقع يقتضي أن الدواء سبب للعلاج، كما أن حرث الأرض سبب للزرع، فهل إذا اعتقد المرء ذلك مفوضاً أمره إلى الله يدخل في الشرك الأصغر؟

الجواب

السبب الذي إذا اعتقده يكون شركاً هو الذي لم يجعله الله ولا رسوله سبباً، أي: ليس سبباً شرعياً ولا سبباً عقلياً ولا سبباً حسياً، فالسبب الشرعي جعله الله سبباً، فالرقية سبب شرعي، فإذا اعتقد أن الرقية سبب شرعي فهذا لا بأس به، لكن إذا اعتقد أن النجم سبب لإنزال المطر فهذا باطل وشرك؛ لأنه ليس سبباً شرعياً، والدواء كذلك، فإذا كان مباحاً فهو سبب شرعي، فأنت مأمور بالتداوي ولا بأس بذلك، وكذلك -أيضاً- حرث الأرض وبذرها، فهو سبب حسي، وقد فطر الله عليه الخلق، إنما يكون السبب شركاً إذا لم يجعله الله سبباً حسياً ولا شرعياً.

أما إذا جعله الله ورسوله سبباً؛ فلا يكون شركاً، فالرقية والتعويذات وقراءة الآيات أسباب شرعية، وبذر الأرض وحرثها وشقها أسباب حسية في النبات، وفي الزرع وفي حصول الثمرة، فهذا لا يكون شركاً.

أما إذا اعتقد أن النجم سبب لإنزال المطر، -والحال أنه ليس سبباً شرعياً ولا حسياً- فيكون ذلك شركاً؛ لأنه إذا اعتقد شيئاً سبباً ولم يجعله الله ورسوله سبباً فقد أشرك.

فالسبب الشرعي: هو ما جاء من الشرع ما يدل على أنه سبب فهذا مشروع، وكذلك إذا كان الحس والعقل يدل على أنه سبب: مثل: بذر الأرض وشقها، فهذا سبب حسي فطر الله عليه الخلق، أما إذا لم يكن هذا ولا هذا، فهذا هو الذي يكون شركاً، كما لو اعتقد أن النجم سبب في إنزال المطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>