للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم الدعاء لمن ترك الصلاة]

السؤال

رجل كان والده لا يصلي في عمره إلا صلوات معدودة، علماً بأنه قبل موته لم يصل قرابة ستة أشهر، فهل يجوز له أن يدعو لوالده، وإذا كان لا يجوز فهل في قوله: اللهم اغفر لي ولوالدي -وهو يقصد والدته- محذور؟

الجواب

إذا تحقق أنه ترك الصلاة متعمداً ستة أشهر وهو غير متأول فإنه يخشى عليه؛ لأن بعض المرضى يتأول بأنه مريض في المستشفى، ويظن أنه لا يصلي حتى يشفى من مرضه، وأن ثيابه نجسة، فهذا لا يكفر، أما إذا تركها عمداً من غير تأويل فإنه يخشى عليه.

فينبغي أن يعلم المرضى في المستشفى بأن المريض يصلي على حسب حاله، فإن استطاع أن يلبس ثوباً طاهراً لبسه، وإلا صلي بثوبه، وإن استطاع أن يتوضأ، وإلا فإنه يتيمم أو ييممه غيره، فإن لم يستطع صلى على حسب حالته من غير ماء ولا تراب، وإن استطاع أن يوجه السرير إلى القبلة وجهه، وإلا صلى إلى غير القبلة، ولا تؤخر الصلاة عن وقتها.

فالمريض الجاهل بالأحكام الشرعية أو المتأول لا يكفر، لكن الذي ترك الصلاة متعمداً بدون عذر ولا تأويل هذا هو الذي يخشى عليه، والخلاصة في هذه المسألة أن ترك الصلاة كفر، ومن أدلة القائلين بتكفير تارك الصلاة قوله سبحانه وتعالى: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [القيامة:٣١ - ٣٢]؛ لأن الإيمان: تصديق الخبر والانقياد للأمر، أي: تصديق خبر الله ورسوله، وانقياد لأمرهما، وعدم التصديق هو التكذيب، وترك الصلاة هو التولي، قال تعالى: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [القيامة:٣١ - ٣٢]، فإذا كذب كفر، وإذا تولى عن الصلاة كفر.

وقوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} [مريم:٥٩ - ٦٠]، فاشترط في توبة من أضاع الصلاة الإيمان، فدل على أن تارك الصلاة ليس بمؤمن.

وقوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:٤ - ٥]، أي: يسهون على الصلاة فيؤخرونها عن وقتها.

فالمقصود أنه إذا كان قد ترك الصلاة عمداً بغير تأويل؛ فإنك لا تستغفر له ولا تدع له، وأمره إلى الله، وإذا كنت تدعو لوالدتك فقل: اللهم اغفر لوالدتي فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>