للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرق بين الحلولية والاتحاد]

الحلولية والاتحادية كلهم كفار والعياذ بالله، وهم من أكفر خلق الله، فالحلولية هم الذين يقولون: إن الله حل في كل مكان، كالماء حل في الكوز، فهم يقولون بوجودين اثنين، لكن أحدهما حل في الآخر، وبناء على ذلك كان من فروع مذهبهم أن عباد الأصنام على الحق والصواب، وأنهم إنما عبدوا الله، فإذا عبدوا الصنم فقد عبدوا الله؛ لأن الله حل في الصنم حسب زعمهم، فكل من عبد شيئاً فهو مصيب، وكذلك فرعون مصيب حينما قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} [النازعات:٢٤]؛ لأن الله حل فيه.

وأما الاتحادية فلا يقولون: إن هناك موجودين حل أحدهما في الآخر، بل يقولون: إن الموجودات كلها شيء واحد، فالرب عين العبد، والعبد عين الرب، فالحق المنزه هو عين الحق المشبه، فهو عين الآكل وعين المأكول، وعين الذابح وعين المذبوح، فليس هناك شيئان، فهو آية كل شيء وله في كل شيء آية، وهو نفس الدليل ونفس المستدل عليه، ونفس الآكل ونفس المأكول ونفس الذابح، ونفس المذبوح، فمن قال عنهم: إنهم حلولية يقولون له: أنت محجوب عن معرفة باطن المذهب وحقيقة المذهب، فالقول بالحلول تثنية ونحن لا نقول بالتثنية، وزعيم الاتحادية ورئيسهم هو ابن عربي الطائي رئيس وحدة الوجود، ومن أقواله: الرب عبد والعبد رب يا ليت شعري من المكلف فما دام أن الرب هو العبد والعبد هو الرب، فمن هو المكلف بالعبادة؟! يقول: إن قلت عبد فذاك ميت وإن قلت رب أنى يكلف وفي رواية: (إن قلت عبد فذاك نفي).

أي: منفي لا وجود له، وإن قلت: رب أنى يكلف، إذاً: لا يوجد تكليف.

ويقول ابن عربي أيضاً: من أسماء الله الحسنى العلي، ثم يقول: علي على من وما ثم إلا هو؟! وعن ماذا وما هو إلا هو؟! ويقول: سر حيث شئت فإن الله ثم وقل ما شئت فيه فالواسع الله.

يقول: (سر حيث شئت فالله ثم).

أي: كل شيء تراه هو الله، و (ثم) أي: هناك، (وقل ما شئت فيه فالواسع الله).

وبعض الناس قد يستغرب من مثل هذا الكلام، وهذا الكلام موجود الآن مؤلف ومدون، والاتحادية الآن يسمون العارفين بالله والمحققين، ويسمى ابن عربي أكبر العارفين، ومؤلفاته موجودة ومنتشرة في البلدان العربية وغيرها، وتطبع بطبعات واضحة، وأوراق فخمة، ويعتنى بها وتحقق، ويذكر عنهم أنهم بلغوا الغاية في المعرفة، فلا تظن أن هذا الكلام بعيد عنا، فلا بد لطالب العلم من أن يكون على بصيرة، فقد كان حذيفة رضي الله عنه يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني.

وهذا ثابت في صحيح البخاري، فهذا شر بليت به الأمة، وهو أعظم أنواع الكفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>