للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الموت سيعم الكل]

الحمد لله حمداً يوافي نعم الله علينا، ويكافئ مزيده، وصلاةً وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين، أما بعد: فهذه هي الحلقة الثانية في سلسلة حديثنا عن الدار الآخرة، وحديثنا اليوم بمشيئة الله عز وجل عن قبض الروح، وعن القبر وما فيه، وعن الوصية التي يجب أن يكتبها المسلم.

أولاً: بإيجاز سريع قلنا في الحلقات السابقة في المقدمة: إنك عندما تذكر الموت وتجعله نصب عينيك ليل نهار فإنه يعطيك ثلاثاً من الفوائد: الفائدة الأولى: التعجيل بالتوبة.

فعندما أذكر الموت فإني أسرع بالتوبة وأترك الذنوب التي كنت أعملها.

اللهم تب علينا جميعاً يا رب العالمين! الفائدة الثانية: النشاط في العبادة.

فعندما يبقى الموت نصب عينيّ فإني أكون نشيطاً في العبادة، وآتي إلى دروس العلم مسرعاً، ولا تقل: إنك معطل وقتك وتارك شغلك، كلا فهذا هو الغذاء الذي تغذي به قلبك، حتى إذا عرضت لك عوارض الدنيا استطعت بفضل الله عز وجل أن تقهرها.

إن لله عباداً فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا نظروا فيها فلما علموا أنها ليست لحي وطنا جعلوها لجة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا يعني: أنهم نظروا للدنيا فرأوها على حقيقتها كاللجة، أي: مثل البحر الزخار بالأمواج، فأصبح المؤمن فيها ينظر كيف ينجو في هذا البحر، ولا ينجو إلا بصالح الأعمال.

إذاً فصالح الأعمال هي السفن التي يستطيع أن يرسو بها على بر السلامة.

اللهم أوصلنا جميعاً والمسلمين إلى بر الأمان يا رب العالمين! إذاً إن جعلت الموت أمامك فإنك ستسرع بالتوبة، وهناك نقطة أهم وهي أنك إذا كنت كذلك فلن تعمل ذنوباً جديدة؛ لأنك ترى الموت أمامك، فتقول لنفسك: ما دام الموت ينتظرني، وما دام أن العلماء علمونا أن أموراً أربعة وهي: أن الموت يعمنا، وأن القبر يضمنا، وأن القيامة تجمعنا، وأن الله يفصل بيننا، إذاً فلن أعمل الذنوب والمعاصي.

إذاً فالموت سيعم الكل، لذلك قلنا: إنه من إساءة الأدب مع الله تعالى أن يقول مسلم من المسلمين: إن ربنا افتكر فلاناً؛ لأن الله لا ينسى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم:٦٤].

فالموت حق، والساعة حق، ومحمد حق، والقرآن حق، والجنة حق، والنار حق، وأن الله هو الحق المبين.