للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العناوين الخمسة التي يحاسب عليها العبد]

فإذا وضع الميزان فمن أراد الله به خيراً رجح جانب الحسنات، والعناوين الخمسة التي سنحاسب عليها هي الأوامر والنواهي والذكر والشكر والنعم، هذه هي مجاميع المواد التي سوف سنحاسب عليها فتعال إلى جانب الأوامر فمثلاً قال الله: {وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:٢٩] فهذا أمر، والعبد إذا امتثل هذا الأمر يقال له: قد قبلناها منك، فيسجد العبد سجدة شكر أن الله قبل منه هذه الحسنة.

الأمر الثاني: الصلاة لوقتها، يأتي واحد من الحكام لا يصلي فيقال له: ما الذي شغلك عن الصلاة؟ فإن اعتذر بأعذار الدنيا فإنه لا يقبل منه فيسحب على وجهه إلى جوار فرعون، ومن شغل بالوزارة سحب على وجهه إلى جوار هامان في النار، ومن شغله المال عن الصلاة سحب على وجهه إلى جوار قارون في النار، ومن شغل بالتجارة عن الصلاة سحب إلى النار على وجهه مع أمية بن خلف وهكذا! فأول ما يحاسب عليه العبد الصلاة فإن كانت ناقصة قال الله: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ وليس المقصود أنه يكمل للعبد ما تركه من صلاة مدة عشرين سنة، فإن الله لن يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة، فأنا عندما أعتمر مائة ألف عمرة هل سيسقط هذا عني الحج؟ لا يسقطه، لابد أن أحج، وكذلك الصلاة، لو صليت مائة ألف ركعة ولم أصل الفرض فإنه لا تقبل النوافل.

فأقول: مع محافظتك على الصلاة لوقتها وصلاة الجماعة في المسجد لا تترك صلاة ركعتين في جوف الليل؛ لأن الذين يخرجون من القبور إلى باب الجنة هم أهل قيام الليل، الذين لم تشغلهم أيضاً تجارة ولا بيع عن ذكر الله، والله قد مدحهم في كتابه العزيز، فقال: {لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ} [النور:٣٧].

لنأت إلى جانب الزكاة التي أمر الله عز وجل بأدائها، فإذا قبل الله من العبد الصلاة انتقل به إلى الزكاة فإن وجدها ناقصة نظر هل من صدقات تكملها؟! فإن وجدت صدقات تكمل الزكاة قبلها الله منه.

ثم ينتقل الله به إلى الصيام ثم إلى الحج فينظر الله هل كان يستطيع الحج؟ لماذا لم يذهب ليحج؟ والأوامر كثيرة جداً، فإن وجدوه كاملاً في الأوامر انتقلوا به إلى جانب المنهيات، فالله سبحانه وتعالى نهانا عن الظلم وقال: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً؛ فلا تظالموا) احذر أن تظلم أحداً.

ثم النهي عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والنهي عن شرب المسكرات والمخدرات، والنهي عن التبذير في المال الذي جعل الله لك فيه قياماً، والنهي عن الإساءة إلى مسلم من قريب أو من بعيد، والنهي عن تضييع فرائض الله عز وجل، والنهي عن السخرية بالمسلمين، والنهي عن الغيبة والنميمة، والنهي عن شهادة الزور، والنهي عن المحلل والمحلل له، كل هذه المنهيات تحاسب عليها: فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإني لا أخالك ناجياً

<<  <  ج: ص:  >  >>