للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة رؤية الله سبحانه وتعالى يوم الحساب أمام الميزان]

روي في الكتب الصحيحة في مسألة هل نرى ربنا يوم الحساب وأمام الميزان أحاديث كثيرة.

روى أبو الليث السمرقندي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان يوم القيامة، مثل لكل قوم ما يعبدون في الدنيا) يعني: الذين كانوا يعبدون المسيح يمثل لهم صورة للعذراء والمسيح، والذين كانوا يعبدون البقرة في الهند يمثل لهم صورة بقرة، فالبقرة تمشي في شارع من شوارع الهند وتنام عند إشارة المرور فيتعطل المرور ويقولون: إن ربكم قد نام في الطريق فممنوع الحركة حتى يستيقظ، وعندهم أن البقرة ممنوع ذبحها، ومن ذبحها يكون كافراً، ونعم الكافر الذي يذبح البقرة! ومنهم الذي يعبد التماثيل، والذي يعبد الكواكب، والذي يعبد النجوم، والذي يعبد الشيطان، والذي يعبد الزوجة، والذي يعبد المال، والذي يعبد الجاه، فهناك أناس كثر يعبدون الجاه، إذ يلتصق بالكرسي من هنا ولا يتركه أبداً سبحانك رب العباد.

فكل الذين يعبدون شيئاً من دون الله يمثل لهم يوم القيامة ما كانوا يعبدونه فيقال: (اذهبوا إلى ما كنتم تعبدون في الدنيا، فيبقى أهل التوحيد).

اللهم اجعلنا منهم يا رب! اللهم إن أحييتنا فأحينا على التوحيد، وإن أمتنا فأمتنا على التوحيد، واحشرنا في زمرة الموحدين يوم القيامة.

قال: (فيقال لهم: لم انتظرتم وقد ذهب الناس؟ يقولون: إن لنا رباً كنا نعبده في الدنيا ولم نره، فيقولون: وتعرفونه إذا رأيتموه؟ يقولون: نعم، وكيف تعرفونه؟ يقولون: إنه لا شبيه له، فيكشف لهم الحجاب فينظرون إلى الله فيخرون له سجداً، وتبقى أقوام ظهورهم مثل صياصي البقر)، أتعرف القرن الذي للبقر؟ فإنه لا ينحني، فالذين كانوا لا يصلون في الدنيا يريدون السجود فلا يستطيعون، وذلك قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم:٤٢] فانظر إلى القرآن من أجل أن تقرأ وأنت منتبه، فقد كان هذا لا يصلي في الدنيا ويأتي يوم القيامة ولا يستطيع السجود، أما الموحد عندما يرى وجه رب العباد يخر لله ساجداً، قال تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} [الإسراء:١٠٨] قال: (فيقول تعالى: عبادي! ارفعوا روسكم فقد جعلت بدل كل رجل منكم رجلاً من اليهود والنصارى في النار).

أي: كل واحد منكم وضعنا مكانه واحداً من اليهود والنصارى.

قال أبو بردة راوي الحديث: فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز، فقال: آلله الذي لا إله إلا هو هذا حديث صحيح؟ قلت: نعم، فـ عمر بن عبد العزيز رحمه الله لم يعلم بهذا الحديث من قبل، قال أبو بردة: فحلفت له ثلاثة أيمان أن هذا حديث صحيح، فقال عمر: ما سمعت من أهل التوحيد حديثاً هو أحب إلي من هذا.

قال تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم:٤٢] فالكشف عن ساق: هو رؤية وجه رب العالمين سبحانه وتعالى.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل تضامون في رؤية الشمس؟) هذا الرسول صلى الله عليه وسلم يسأل الصحابة ثم يقول: (سوف ترون وجه ربكم هكذا) ولذلك عندما يرى العبد وجه ربه يزول عنه تعب الدنيا وتعب الآخرة، ولا يبقى له هم إلا أن يتملى بوجه ربه بكرة وعشيا، وهؤلاء هم أسعد الأقوام يوم القيامة.

اللهم احشرنا في زمرتهم وآمنا يوم الروع يا رب العالمين!

<<  <  ج: ص:  >  >>