للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[صفة الصراط]

يصف لنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الصراط ويقول: (جسر مضروب فوق جهنم) يعني: من بداية الحافة من جهنم من هذه الناحية إلى الناحية الأخرى، وجهنم هي الدركة الأولى في النار، والنار سبع دركات، تبدأ بجهنم وتنتهي -والعياذ بالله- بالدرك الأسفل، ولذلك عندما كان الصحابة جالسين مرة مع الحبيب صلى الله عليه وسلم إذ سمعوا وجبة، يعني: صوتاً، فقالوا: (ما هذا يا رسول الله؟ قال: هذا حجر ألقي في جهنم منذ سبعين سنة وصل الآن).

إذاً: الصراط هو سور أو جسر فوق النار، قال تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم:٧١] يعني: داخلها، وقال عن سيدنا موسى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} [القصص:٢٣] يعني: وصل ورأى ونظر، وقولنا: وردت الإبل الماء، يعني: وصلت إلى هناك وعاينت الماء أمامها، وليس معنى ذلك أن الإبل تكون نزلت في البئر؛ لأن هذا غير ممكن، فورود الشخص أي: وصوله إلى هذا المكان ومعاينته له، {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم:٧١].

وقبل عبور الصراط ينادي: يا فطرة الجبار جوزوا، وأي عبور أصعب من هذا العبور؟ يعني: إن لم يسلم الله يكن الهلاك، نسأل الله السلامة.

وفي أرض المحشر يكون الأنبياء عليهم السلام، والملائكة، والشهداء، والعلماء، والصديقون، والعارفون بالله، والمؤمنون، والمسلمون ويعبر كل هؤلاء الصراط وينجون، أما الباقون فيذهبون إلى أمهم الهاوية.

كذلك الحيوانات عندما يقضي الله بينها يقول لها: كوني تراباً فكانت تراباً، فقال الكافر: يا ليتني كنت تراباً.

قال الحبيب صلى الله عليه وسلم في وصف الصراط: (أحد من سيف أحدكم، ولكنها على المؤمن كالوادي الفسيح)، ويكون الرسول صلى الله عليه وسلم على جنب الصراط جالساً، والدعوة عند الصراط من الملائكة والأنبياء والقريبين من الله عز وجل: يا رب سلم سلم، قيل: (حتى أنت يا رسول الله؟ قال: حتى أنا لا دعوة لي إلا يا رب سلم سلم).

قال: (فأرى النار وهي تزفر على أصحابي فأنهض لآخذ بحجزهم) الرسول صلى الله عليه وسلم يحجز أمته بعيداً عن النار، (فيأخذ جبريل بحجزي، فأقول: يا رب أمتي يا رب أمتي، يقول: دعه يا جبريل، فيدعني، فأقول: يا رب أمتي، قال: قف هنا يا محمد، فما كبا على الصراط فخذ بيده إلى الجنة).

ويقول صلى الله عليه وسلم واصفاً الصراط: (عليه كلاليب كحسك السعدان) يعني: خطاطيف، والسعدان نوع من الأشواك ينمو في صحراء الجزيرة، (الكلّوب الواحد يسع ربيعة ومضر) يعني: قبيلة ربيعة وقبيلة مضر، إن كان عددهم مائة ألف أو مائتي ألف أو نصف مليون فالخطاف الواحد يأخذ هذا العدد ويرميه في جهنم.

وهذه الكلاليب كل كلّوب وخطاف يختص بذنب من الذنوب، يعني: هناك خطاف يختص بالغيبة، وخطاف للنميمة، وخطاف للكبر، قال صلى الله عليه وسلم: (لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) والكبر هو أن تظن أنك أحسن واحد في الجامع أو في الحي، هذا كبر لن تدخل الجنة بسببه، والكبر أن تتكبر بمالك، أو بعلمك، أو بمركزك الاجتماعي، وخطاف يختص بالمرابي، وخطاف يختص بالمتثاقل عن الصلاة، وخطاف يختص بمن يظلم المسلمين، وخطاف يختص بمرتكب الفحش إلى آخره.

<<  <  ج: ص:  >  >>