للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القنطرة الأولى للعبور على الصراط التوحيد]

العابرون على الصراط أصناف ثلاثة: سالم، ومخدوش، ومكردس، فالسالم يمر عليه مر البرق؛ لأن ربنا يوسعه له، هذا الأول.

والثاني من يمر كالريح المرسلة، والثالث كالجواد المضمر.

وهناك من يمر عليه فيمكث ألف سنة أو ألفي سنة، هذا هو المخدوش، تراه يسرع قليلاً ويضعف قليلاً، وهذا عندما يخطفه الخطاف يغمسه غمسة في جهنم والعياذ بالله، ثم يصعد به مرة ثانية؛ لأن أعماله كانت صالحة، لكن فيها قليل شوائب لا يزال ينظف منها، فيطلع من جهنم كالفحمة السوداء، ويقال: إن هذا الإنسان كان يعيش كأنعم أهل الدنيا، عمره ما رأى يوم غم ويعيش مرفهاً يقول له ربه: (عبدي هل رأيت نعيماً من قبل قط؟ يقول: وعزتك وجلالك إني في الشقاء منذ أن خلقتني) يعني: غمسة في جهنم أنسته العز في الدنيا كله.

والمخدوش هو الذي ينخدش من هنا ومن هنا.

أما المكردس فهو الذي يسقط ولا يطلع.

وعلى الصراط سبع قناطر ويوقف العبد قنطرة قنطرة، فالأمر ليس سهلاً يا إخوان، اللهم اهدنا الصراط المستقيم، اللهم اهدنا الصراط المستقيم، اللهم اهدنا الصراط المستقيم، ومن علينا بالهداية يا رب العالمين.

والعبد وهو يمر على الصراط تقابله القنطرة الأولى الخاصة بالتوحيد، توقفه الملائكة وتسأله: ما ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ كذلك تقول: يا عبد الله كنت موحداً؟ تقول: الحمد لله أشهد أن لا إله إلا الله، ولا معبود بحق إلا الله.

فإذا كان توحيده خالصاً لا يخاف إلا من الله، ولا يعبد بحق إلا الله، لا يطأطئ الرأس إلا إلى لله فإنه يتعدى القنطرة الأولى.

لما رجع الصحابة من غزوة أحد مرهقين وفيهم شهداء، وفيهم جرحى، والرسول صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته وجرح خده يقول: (لا يفلح قوم يوم القيامة جرحوا وجه نبيهم) وأبو سفيان يقود قريشاً ومعهم هوازن يأتون متحزبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته وهم لم يلتقطوا الأنفاس بعد من غزوة أحد، {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران:١٧٣ - ١٧٤] اللهم احشرنا في زمرتهم يا رب.

انظروا الإيمان الصادق، واليقين الكامل، والتوحيد الخالص عند الصحابة رضوان الله عليهم، فهؤلاء يعدون القنطرة الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>