للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وصف طعام أهل النار وشرابهم]

وقال صلى الله عليه وسلم: (ينشئ الله لأهل النار سحاباً، فيقال لهم: ما تشتهون؟ فيقولون: نشتهي أن تمطر علينا، فتمطر عليهم سلاسل تزاد في سلاسلهم، وأغلالاً تزاد في أغلالهم)، وهذه صورة بشعة من العذاب والعياذ بالله! ويقول صلى الله عليه وسلم: (عندما يدخل أهل النار النار تتلقاهم النار بشرر كالنجوم قال: فيولون مدبرين فيقول الجبار تبارك وتعالى: ردوهم عليها، فيردونهم، فذلك قوله: {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ} [غافر:٣٣])، أي: ليس لهم عاصم يعصمهم من النار.

يقول سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم: (يلقى على أهل النار الجوع)، وفي رواية: (قهر الجوع أهل النار)، الجوع هنا فاعل: (يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام، فيغاثون بطعام من ضريع) الضريع: نوع من الثمر المر بجانبيه شوك مثل التين الشوكي، ومثل جلد القنذف، فهؤلاء يطعمون بطعام: {لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} [الغاشية:٧].

قال: (ثم يغاثون بطعام ذا غصة)، أي: طعام يحدث غصة في الحلق، فمن كثرة الشوك يمسك بالحلق فيستغيثون، فيغاثون {بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف:٢٩].

يقول صلى الله عليه وسلم: (فيذكرون أنهم كانوا يزيلون الغصص في الدنيا بشراب، فيستغيثون بشراب، فيرفع إليهم من حميم بكلاليب الحديد) أي: أن خزنة جهنم يأتون للكافر والفاجر بالحميم في أكواب من نار يمسكونها بكلاليب من حديد! قال تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:٤٦]، حاشا لله أن يظلم أحداً، فالله جعل لهم طريقين، قال تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان:٣])) [البلد:١٠].

(ويرفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد، فإذا دنت من وجوههم شوت الوجوه، فإذا دخل الشراب بطونهم قطّع ما في بطونهم فيقولون: ادعوا خزنة جهنم، فيدعون خزنة جهنم: أن ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب؛ فيقولون: {أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ} [غافر:٥٠]، فيقولون: ادعوا مالكاً، فيقولون: {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف:٧٧])، مادام أنه لا يوجد تخفيف يقولون: {يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} [الحاقة:٢٧] نموت فنستريح: (فيجيبهم مالك: إنكم ماكثون) والمسافة الزمنية بين دعائهم ورد مالك ألف سنة.

قال صلى الله عليه وسلم: (فيقولون: ادعوا ربكم فلا أحد خير من ربكم، فيقولون: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون:١٠٦ - ١٠٧] فيجيبهم: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} [المؤمنون:١٠٨ - ١١٠])، سخرتم من المتطرفين ومن المحجبات والملتزمات، ومكثتم تطعنون في عباد الله الذاكرين والمصلين الساجدين، نسأل الله أن يتوب علينا، وأن يرد عنا كيد الظالمين، وأن يولي أمورنا خيارنا، وألا يولي أمورنا شرارنا، وأن يصلح برحمته أحوالنا إن ربنا على ما يشاء قدير.

<<  <  ج: ص:  >  >>