للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عذاب من إذا خلو بمحارم الله انتهكوها وإذا لقوا الناس كانوا مخبتين]

وعن أنس وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يؤتي يوم القيامة بأناس من النار إلى الجنة حتى إذا دنوا منها، واستنشقوا رائحتها، ونظروا إلى قصورها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها نودوا: أن اصرفوهم عنها لا نصيب لهم فيها، فيرجعون بحسرة ما رجع الأولون والآخرون بمثلها، يقولون: يا ربنا! لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا من ثوابك وما أعددت فيها لأوليائك لكان أهون علينا، فيقول الله عز وجل: ذاك أردت بكم، كنتم إذا خلوتم بارزتموني بالمعاصي) أي واحد يعمل معصية قدام الناس أو خلف الناس يستهين بنظرة الله له أم بنظرة الناس له؟ فهذا الكلام خطير، يقول: (بارزتموني بالمعاصي والعظائم، وإذا لقيتم الناس لقيتوهم مخبتين)، وكأنهم أبو بكر الصديق وعثمان بن عفان رضي الله عنهما: (تراءون الناس، وهبتم الناس ولم تهابوني، وأجللتم الناس ولم تجلوني، وتركتم للناس ولم تتركوني، فاليوم أذيقكم العذاب الأليم مع ما حرمتم منه من النعيم المقيم)، ولذلك قلنا في بداية الحلقات: إن الإنسان أول ما يولد يجعل الله له مكاناً في الجنة ومكاناً في النار، فإذا اتقى الله عز وجل دخل الجنة، والكافر يرث مكانه الذي أعد له في النار لو عصى الله، وفي الجنة أنت تأخذ مكانك في الجنة ومكان الكافر، فترث في الجنة مكانين، قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن:٤٦]، وقال تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ} [الزمر:٧٤]، اللهم اجعلنا من الوارثين يا رب العالمين! يقول صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) كل هذه الأمة إن شاء الله ربنا سيغفر لها ويتوب عليها، إلا شخصاً يعمل معصية ثم يذهب ليكلم أصحابه عن المعصية التي زوالها، يقول صلى الله عليه وسلم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)، فاتقوا الله عباد الله؛ ولذلك نحن نقول: كلما فتح أهل الباطل مكاناً لباطلهم فتح أهل الحق مكاناً لذكر الله، حتى يحصل توازن لعل الله أن يرحمنا برحمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>