للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صفة النار وما فيها]

ندخل الآن إن شاء الله في الحلقة الرابعة وهي المتممة لما سبق من صور العذاب التي تحدثنا عنها في الحلقة السابقة، اللهم أبعدنا عن النار، وعما في النار من عذاب، وتب علينا قبل أن نموت يا رب العالمين.

سنذكر النصوص من سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم التي جاءت لتحدثنا عن النار وما فيها؛ لأننا مازلنا نؤكد ونقول: إن حلقات الدار الآخرة لا اجتهاد فيها لمجتهد؛ فمسألة الدار الآخرة الحديث فيها ليس رجماً بالغيب، ولا قياساً، ولا اجتهاداً، وإنما هي نصوص؛ ولذلك هذه الحلقات الوحيدة التي دائماً أرتبط فيها بالنص؛ من أجل ألا توجد كلمة تذهب مني هكذا أو هكذا؛ لأن هذه أمانة، وحلقات الدار الآخرة جزى الله خيراً من ينشرها في مصر وفي خارج مصر.

عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال: إن الله تعالى يقول: يا جبريل ائتني بجهنم، وفي رواية: ائتني بالنار، والرواية التي حققناها: ائتني بالنار، والحمد لله ثبت صحة الحديث أيضاً: ائتني بجهنم، فكلا الروايتين صحيحتان، فإن أطلقت النار فعلى النار كلها، وإن أطلقت جهنم فإنها على الجزء الذي أعد لعصاة الموحدين، أو من باب المجاز الذي هو إطلاق الكل مع إرادة الجزء، كما قال سيدنا نوح: {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} [نوح:٧] فالواحد عندما يريد أن يسد أذنيه عن الاستماع فإنه يضع جزءاً من إصبعه في أذنه لا كلها.

إذاً: هذا اسمه إطلاق الكل وإرادة الجزء، هناك العكس، إخوة سيدنا يوسف قالوا: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [يوسف:٨٢] أي: اسأل أهل القرية، هذا في اللغة العربية يسمى مجازاً، وعلى كل فهذه فقط جزئية توضيحية.

فالرواية تقول: يقول الله عز وجل: يا جبريل! ائتني بجهنم.

وهذا يوافقه ما ورد في كتاب الله: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} [الفجر:٢٣].

ثم قال: فيؤتى بجهنم لها سبعون ألف زمام، والزمام هو اللجام أو الحلقة أو السلسلة التي يشد منها.

ثم قال: كل زمام يجره سبعون ألف ملك، يخرج منها أعناق مثل صور الثعابين أو الحيات، تلتقط أصحابها وأهلها وبنيها كما يلتقط الطير الحب، يعني: عندما تأتي يخرج منها أعناق، كما أن الناس في الدنيا تتطاول على بعضها بالأذى، والشائعات، والغيبة، والخوض في الأعراض، وأكل المال بالباطل، وأكل مال اليتيم، وبالظلم، وبالغدر، وبالخداع، كل هذا تطاول، ففي يوم القيامة تتطاول هذه الأعناق من النار لتلتقط أهلها والعياذ بالله رب العالمين.

ولذلك ربنا سمى أهل النار مرة أصحاب النار، ومرة أولاد النار، قال تعالى: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة:٩] يعني: وقع في حضن جهنم.

قال: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة:٩] ثم قال: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة:١٠ - ١١] ليست ناراً فقط، بل هي نار حامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>