للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحزن على المفقود]

السبب الثاني الحزن على المفقود: ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غاية كل حي ولكنا إذا متنا بعثنا لنسأل بعدها عن كل شي الكارثة أن الدنيا ليست النهاية، فالإنسان منا يحزن بعد الفرح، فعندما يفقد العافية يحزن، فإذا حزن فهو ضعيف الإيمان؛ لأن الحزن على المفقود دليل ضعف اليقين عند العبد، فلا تحزن إلا إذا رأيت نفسك بعيداً عن الله، ويكون ذلك بأن تعصيك جوارحك فلا تستطيع أن تسيطر عليها، ولا أن تتحكم فيها، فعيناك مثل برج المراقبة، تتطلعان في الذاهب والآتي، والذاهبة والآتية، وأذناك تسمعان الفكاهات والأغاني والموسيقى، والغيبة والنميمة، والكلام السيئ، والخوض في أعراض الناس، ولسانك يخوض في الأعراض، ويسب ويلعن، وقلبك لست قادراً على أن تسيطر عليه من الحسد والكبر والحقد والضغينة، ويدك ليست قادرة على أن تتوب عن الاختلاس والرشوة، والامتداد إلى ما حرم الله، ومصافحة النساء، ورجلك لا تقدر أن تقصرها عن الذهاب إلى أماكن اللهو واللعب وأماكن البعد عن الله سبحانه وتعالى، يعني: تخيل الناس الذين يقعدون في الأستاد ينفعلون مع الكرة، تجده يأتي منفعلاً، ويذهب منفعلاً، ويضرب على دماغه، وربما تأتي له سكتة قلبية، ولو مات في الأستاد فإنه يسمى: شهيد الكرة، فأين يذهب من الله؟! سوف يبعث يوم القيامة يحيي، يحيي من؟! ويهتف لمن؟! لذلك عرفنا التقوى في كلمة: وهي ألا يجدك حيث نهاك، ولا يفتقدك حيث أمرك، مثاله: روى الترمذي في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل له ثلاثمائة نظرة إلى العبد المؤمن كل يوم، ومن نظر الله إليه نظرة فلن يعذبه يوم القيامة، إلا صاحب الشاة)، وصاحب الشاة هو الذي يلعب الشطرنج، سبحان الله! تخيل رجلاً يظل يلعب: كش ملك كش ملك، لمدة ثلاث أو أربع أو خمس ساعات في اليوم، يقول لك: هي تنمي الذكاء، لا إله إلا الله! لا تضيع وقتك في ما لا يرضي الله؛ ولذلك: (لاعب الشطرنج كمن يأكل لحم الخنزير والناظر إليه كالغامس يده في دم الخنزير) هذا كلام الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وهناك مصيبة ثانية وهي لعب النرد، والنرد حرام، فربنا سبحانه وتعالى عندما ينظر إلي نظرة وأنا جالس ألعب شطرنج وألعب النرد وأعصي الله، وجالس أمام التلفاز أخوض في أعراض الناس، وأتحدث عن هذا، وأخوض في عرض هذا، فكيف تكون النظرة؟! إن الله عز وجل خبأ رضاه في طاعته، وخبأ سخطه في معصيته، فربما في لحظة من لحظات الطاعة ينظر إليك الله نظرة، فيقول: إني قد رضيت عنه فلن أسخط عليه بعد ذلك، فتحصل لك السعادة في الدارين، اللهم اجعلنا منهم يا رب!

<<  <  ج: ص:  >  >>