للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة]

توقفنا في الحلقات السابقة عند أصحاب المعروف، فاللهم اجعلنا من أهل المعروف يا رب العالمين! قال صلى الله عليه وسلم: (أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، قيل: وكيف ذلك يا رسول الله؟) كيف يكون أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة؟ أنا ممكن أن أعطي مالاً في الدنيا أو أقول كلمة طيبة، أو أستغل جاهي أو منصبي في خدمة مسلم، لكن ما هو المعروف الذي يقدم في الآخرة؟ قال صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم القيامة جمع الله تعالى أهل المعروف، فقال: قد غفرت لكم على ما كان منكم، وصانعت عنكم عبادي فهبوها اليوم لمن شئتم لتكونوا أهل المعروف في الدنيا وأهل المعروف في الآخرة) يعني: العباد الذين لهم مظالم عندكم أنا أرضيتهم، ولن يطالبوكم بحسناتكم مقابل مظالمهم التي ظلمتموهم بها، والمعنى أن صاحب المعروف يمسح الله ذنوبه، ثم بعد ذلك يرضي له خصومه، ثم بعد ذلك يعوض السيئات التي كانت ستؤخذ منه بأنه يشفع لمن شاء من أهل بيته أو من أصحابه.

فالإنسان الذي صنع المعروف في الدنيا فإن الله سبحانه وتعالى سيصنع فيه معروفاً في الآخرة، لكن شتان بين المعروفين؛ معروف الدنيا أن يفرج عن المسلم كرباً في الدنيا، لكن في الآخرة يفرج الله عنك كرب القيامة فأيهما أعظم ثواباً وخيراً؟ عندما يزحزحك الله عن النار ويدخلك الجنة هل يقاس هذا بجنيه الدنيا؟ هل يقاس هذا بأنك سامحت شخصاً؟ كلا، إن معروف الآخرة لا يعوض، اللهم اجعلنا من أهل المعروف في الدنيا والآخرة يا رب! إن الدال على الخير كفاعله، الذي يدل على الخير مثل الذي يفعله تماماً، والله تعالى يحب إغاثة الملهوف، وفي الحديث قال: (من سره أن تنفس كربته، وأن تستجاب دعوته، فلييسر على معسر، أو فليدع له، فإن الله يحب إغاثة الملهوف) يعني: إما أن تنفس عن صاحب الكربة فتفرج عنه كربته، أو على الأقل تدعو له، فمثلاً: بلغك أن شخصاً له بنت ارتفعت حرارتها أربعين درجة لم تنزل عن هذا المستوى، وأنت لا يوجد لديك عشرة جنيهات في جيبك تعطيها له ليحضر بها الدواء أو يذهب إلى الدكتور، تقول: يا رب! يا رب! اجعل جسدها برداً وسلاماً من عندك، فإذا كانت دعوتك خالصة فإنها تصل إليها بإذن الله، يعني: هناك أناس سبحان الله العظيم دعوتهم عند الله مستجابة، فاللهم اجعلنا من الذين تستجاب دعواتهم.

آمين يا رب العالمين!

<<  <  ج: ص:  >  >>