للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من صفات أهل الجنة إقامة الصلاة]

قال تعالى: {وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} [الرعد:٢٢].

أي: صلوا كما يجب وينبغي: {وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً} [الرعد:٢٢].

سراً: الصدقة.

وعلانية: الزكاة، كما قال أهل العلم.

{وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} [الرعد:٢٢] كان الإمام الشافعي رحمه الله إذا اغتابه أحد يبحث عنه، حتى إذا وجده قال له: بلغنا أنك أعطيتني هدية بالأمس -فمسى الغيبة هدية؛ لأن المغتاب يهدي حسنات للغير-، فـ الشافعي رضي الله عنه يقول: أهديتنا من أمور الآخرة ونحن نهديك من حطام الدنيا، خذ هذه الهداية.

ولذلك كان سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم قاعداً مع السيدة عائشة فقال لها: (يا عائش أعلم متى تكوني عني راضية ومتى تكوني علي غضبانة)، السيدة عائشة عندما كانت تغضب من الرسول صلى الله عليه وسلم لا تكشر في وجهه، ولا بتغير وجهها، قالت عائشة: (وكيف تعرف ذلك يا رسول الله؟ قال: إذا كنت راضية تقولين: لا ورب محمد، وعندما تكونين غاضبة تقولين: لا ورب إبراهيم)، مع أنه رب واحد وقسم واحد! (تقول: يا رسول الله! والله لا أهجرك إلا اسمك، ولكنك في قلبي).

انظر الأدب والتعامل مع النبي صلى الله عليه وسلم! لما كان السيدة حفصة تعرف أن عائشة تتضايق من أكل الحزير -العصيدة- تصنع حزيراً وهي تعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم عند عائشة ثم ترسل له إلى الرسول ليأكل منه، فالسيدة عائشة رضي الله عنها أخذت الصحفة يوماً وكسرتها فجعل الرسول يصلح الصحفة ويقول: (غارت أمكم! غارت أمكم) ويصبر صلى الله عليه وسلم ابتغاء مرضاة الله.

الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه عندما كان يؤذيه أحد الناس كان يقول: يا فلان! أبيت إلا أن تعصي الله فينا ونحن نأبى إلا أن نطيع الله فيك.

يعني: أنت عزمت إلا أن تعصي الله فينا، ونحن عازمون أن نطيع ربنا فيك {وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ} [الرعد:٢٢]، عقبى الدار والله إنها جنات عدن، وقلنا: عدن الإنسان في المكان أي: أقام فيه ولم يبرحه قال تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ} [الرعد:٢٣] يدخلون عليهم من كل باب بالهدايا تخيل أنت عندما يؤتى لك بهدية من واحد صاحب قدر وقيمة، فما بالك بالهدايا من رب الهدايا؟! {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:٢٤]، وأنت في الجنة لا تسمع إلا هذا الكلام {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلامًا سَلامًا} [الواقعة:٢٥ - ٢٦]، أي: السلامة من كل شيء، فلا يوجد مرض، ولا أذى، ولا حزن، ولا خوف، ولا أحد ينكد عليك.

<<  <  ج: ص:  >  >>