للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يمن صحبة الأخيار وشؤم صحبة الأشرار]

أحمد الله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.

أما بعد: هذه بمشيئة الله عز وجل هي الحلقة الثالثة والثلاثون في سلسلة حديثنا عن الدار الآخرة أو عن الموت وما بعده، وهي الحلقة الثانية عشرة في الحديث عن الجنة، جعل الله الجنة مآلنا ومكاننا ومنزلنا ومستقرنا والمسلمين والمسلمات.

وهذه بمشيئة الله أيضاً هي الحلقة الأخيرة في الدار الآخرة.

نعم يبقى لنا حلقتان سوف نوجز لكم فيهما ما قلناه منذ الحلقة الأولى منذ ما يربو على تسعة أشهر.

فاللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل يا ربنا بيننا شقياً ولا محروماً.

اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا هماً إلا فرجته، ولا شيطاناً إلا طردته، ولا ميتاً إلا رحمته ولا طالباً إلا نجحته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا هديته، ولا مسافراً إلا رددته لأهله غانماً سالماً.

ارزقنا يا مولانا قبل الموت توبة وهداية، ولحظة الموت روحاً وراحة، وبعد الموت إكراماً ومغفرة ونعيماً.

اللهم ثقل بمجالس العلم موازيننا يوم القيامة، ثبت بها على الصراط أقدامنا يوم تزل الأقدام.

اللهم اجعلنا نشرب من حوض الكوثر شربة لا نظمأ بعدها أبداً، زحزحنا عن النار وما قرب إليها من قول أو عمل، قربنا من الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل.

نسألك يا مولانا رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، اجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم أن نلقاك.

اللهم أحسن لنا الختام في الأمور كلها واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أقول: بفضل الله عز وجل أولاً وأخيراً كان لبعض الإخوة وبعض الجنود المجهولين في الدعوة الإسلامية، والله لا أعلم كثيراً منهم، قاموا بترجمة هذه الحلقات إلى عدة لغات، نسأل الله أن يبارك في أهل الخير، وبفضل الله عز وجل جاءتني هذا الأسبوع رسالتان وعدة مكالمات تلفونية من مدريد ومن بعض الدول الإسكندنافية أن بعض الإخوة عندما قاموا بترجمة هذه الأشرطة دخل في دول من الدول الاسكندنافية ومن أسبانيا علاوة على أمريكا الجنوبية ما يربو على ألف شخص في دين الله عز وجل بين رجل وامرأة، وهذا بفضل الله سبحانه وتعالى، ولسماحة أو يسر هذا الدين وقربه من الفطرة، ولا يصح إلا الصحيح.

فاللهم أعز دينك وانصره في بقاع الأرض يا رب العالمين! ومما أسعدني أكثر وأكثر أن بعض الدول مثل السويد وسويسرا هناك أسرة كاملة دخلت في دين الله عز وجل وهذا من فضل الله أولاً وأخيراً.

وأقول ما قلته في الحلقة الأولى أيضاً: إن كنت قلت خيراً أو صواباً فمن الله وحده، وإن قلت سيئاً أو خطأً فمن الشيطان ومن نفسي.

فاللهم اغفر لنا وارحمنا ووفقنا وسددنا وقربنا منك يا رب العالمين! لكي لا ندخل في مقدمات؛ لأن الحلقة طويلة، سوف نكمل نصين أو ثلاثة نصوص من كتاب الله عز وجل؛ لندخل بعد ذلك في الحديثين اللذين أخرتهما حتى نختم بهما هذه الحلقات في رضا الله عز وجل على أهل الجنة.

اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين! ثم كما قلنا في رؤية وجه الله الكريم سبحانه وهي أعظم نعمة ينعم الله بها على عباده.

فاللهم لا تحرمنا من رؤية وجهك الكريم يا رب العالمين! في الأسبوع الماضي كنا نقرأ نصاً من سورة الصافات، ووصلنا إلى قول الله عز وجل: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ} [الصافات:٥١]، مؤمن من أهل الجنة مكث مدة في الجنة، ثم قال: إنني كان لي صاحب في الدنيا، يمشي معي ويجلس معي ويزورني وأزوره.

ولكن أريد أن أوضح نقطة هامة، يجب ألا تصاحب إلا من تذكرك بالله رؤيته، ويدلك على الله حاله، ويزيد في علمك منطقه، لا تصاحب إلا من يصير مرآة لك ترى فيها عيوبك، فصديقك من صَدَقَك لا من صدَّقك، وقلنا من قبل: إن الطفل قد يكره أباه عندما يأتي له بالطبيب ليعطيه إبرة مؤلمة أو دواءً مؤلماً، ويحب أمه لأنها تدافع وتقول: لا داعي أبداً للطبيب ولا داعي أبداً للإبرة التي تؤلم الولد، وللأسف الشديد لو كان هذا الطفل بالغاً عاقلاً واعياً لأحب أباه في هذه النقطة أكثر من حبه لأمه لأن أباه صديق له وصادق معه، فإنه قد يؤلمه ولكن هذا الألم له هدف وهو النتيجة، ولله المثل الأعلى ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>