للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[محاورة أهل الجنة لقرنائهم من أهل النار]

قال تعالى: {إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ} [الصافات:٥١]، أي: كان لي صاحب في الدنيا، {يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} [الصافات:٥٢] أي: يقول: حقاً لقد فزت بالجنة، فقد كنت مصدقاً بالبعث، ومصدقاً بالنشور، ومصدقاً بالحساب، وكان فعلاً لك هذا القرين وهذا الصاحب.

وأريد أن أعرج إلى مسألة القرين، يقول كثير من الناس: كل واحد له قرين من الجن وله قرين تحت الأرض؟! وهذه فرية ما أنزل الله بها من سلطان، بل إن موضوع القرين أنك إن كنت مؤمناً سائراً على طريق الله فقرينك الملك، وإن كنت رجلاً -والعياذ بالله- منحرفاً فقرينك الشيطان، إنه يقف على بابك في كل يوم ملك وشيطان، وكل واحد معه راية، فإن خرجت في سبيل الله ذاهباً إلى عملك، أو ذاهباً لتصلح بين اثنين، أو لتزور أخاً لك مسلماً أو لتصل رحماً أو لتتصدق؛ أظلتك راية الملك حتى تعود، فالملك يلازمك حتى في وقت الأذان وأنت في الطريق، ويقول: ادخل صل العصر أولاً وهكذا.

وإن خرجت في غير سبيل الله أظلك الشيطان برايته حتى تعود.

والعجيب عندما تذهب إلى مكان فيه جماعة من الكرويين كأن يكون هذا المكان ملعباً، ونفرض جدلاً -لا قدر الله- أن المدرجات ستنهدم على المتفرجين، إذا بهم يقولون: شهداء الكرة، شهداء الكرة؟! وهل موتى الكرة شهداء؟! ومن الناس من يقول: هذا الفنان رحمه الله وقع على المسرح، وقع وهو ويؤدي رسالته في محراب الفن، فهو سيد الفن! وتسمع كلاماً يضيق به صدرك.

فأنت إن كنت في طريق الله فإن الملك يظلك برايته حتى ترجع قال تعالى: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ} [الصافات:٥٣] أي: هل هذا يعقل؟ بعدما نموت ونكون تراباً ونكون شيئاً بالياً هل من المعقول أن نخرج مدينين في الحسنات والسيئات؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>