للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تهوين الإمام الشافعي للكبيرة أمام البدع]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن عمر الزاهد الخفاف أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الفقية حدثنا الربيع بن سليمان سمعت الشافعي رحمه الله يقول: لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك أحب إلي من أن يلقاه بشيء من الأهواء].

يعني: البدع، وهذا أخرجه الدارمي واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، وهو مشهور عن الشافعي رحمه الله، وفي لفظ: (لأن ألقاه بكل ذنب ما خلا الشرك أحب إلي من أن ألقاه بشيء من الأهواء).

يقول الإمام الشافعي: لأن ألقى الله بكل معصية دون الشرك أسهل علي من أن ألقاه بالبدعة؛ لأن البدع أشد من المعاصي؛ لأن صاحب المعصية الكبيرة مثل الزاني والسارق وشارب الخمر والمرابي عاصٍ، وضعيف الإيمان، لكن يعلم أنه عاص ومعترف بأنها معصية فهو يرجى له أن يتوب، بخلاف صاحب البدعة، فإنه يعتقد أنه على الحق، ولا يعترف لك بأنه على الباطل.

فإذا قلت: هذه بدعة، قال: لا، بل أنت المبتدع، فلا يفكر في التوبة، فلهذا كانت البدعة أشد من الكبيرة، وهي أحب إلى الشيطان من المعصية الكبيرة، فالذي يفعل كبيرة ويشهد الزور ويعق والديه، يعلم أنه عاص ويمكن أن يتوب أو حتى يفكر في التوبة، لكن المبتدع لا يعتقد أنه عاص، بل يعتقد أنه على الحق فمن كان يفعل بدعة المولد فإذا نهيته يقول: لا هذه محبة للرسول، أنت تبغض الرسول، أنا على الحق وأنت على الباطل، ولو كنت تحب الرسول لحضرت المولد.

كما أن المبتدع لا يعترف بأنه على الباطل، بل يعتقد أنه على الحق، ويتقرب إلى الله بالبدعة، فلا يفكر في أن يتوب منها، أما صاحب الكبيرة فهو يعلم أنه على معصية، ويعتقد أنها معصية، ويفكر في التوبة منها، فلهذا كانت البدعة أشد من المعصية، ولهذا قال الإمام الشافعي رحمه الله: لأن ألقى الله بكل ذنب دون الشرك أسهل علي من أن ألقاه بالبدعة؛ لأن البدعة أشد من المعصية، وصاحب البدعة لا يتوقع أن يتوب في الغالب؛ لأنه يعتقد أنه على الحق.

هذا فيه التحذير من البدع، وقد تكون البدعة في أسماء الله، من ذلك: بدعة المعطلة التي تنفي الأسماء والصفات، وبدعة المؤولة، وبدعة الخوارج الذين يكفرون المسلمين بالمعاصي، وبدعة القدرية الذين يقولون: إن العباد خالقون لأفعالهم، وهكذا بدعة الشيعة الرافضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>