للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحيرة عند أهل البدع]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [سمعت الحاكم أبا عبد الله الحافظ يقول: سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ يقول: سمعت جعفر بن أحمد بن سنان الواسطي يقول: سمعت أحمد بن سنان القطان يقول: ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث، فإذا ابتدع الرجل نزعت حلاوة الحديث من قلبه].

فالمبتدع يبغض أهل الحديث؛ لأن أهل الحديث يعملون بالسنة، وإذا ابتدع الرجل نزعت حلاوة الحديث من قلبه، ولهذا صار أهل البدع في حيرة وشكوك حتى إنهم حاروا في آخر آمرهم، ولهذا فإن الإمام الرازي رحمه الله حار وقال هذه الأبيات المعروفة: نهاية إقدام العقول عقال وأكثر سعي العالمين ضلال وأرواحنا في وحشة من جسومنا وغاية دنيانا أذى ووبال ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا.

وهو قد تاب في آخر حياته كما ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في بيان حال الرازي، وترحم عليه، والشيخ الثاني المعروف بـ الشهرستاني، وله كتاب في الفرق تكلم فيه عن الملل والنحل وهو الذي قال: لعمري لقد طفت المعاهد كلها وسيرت طرفي بين تلك المعالم فلم أر إلا واضعاً كف حائر على ذقن أو قارعاً سن نادم وهكذا حصلت الحيرة عند بعضهم، وجاءتهم الأوهام، فتجد الرجل منهم في حيرة والعياذ بالله.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وسمعت الحاكم يقول: سمعت أبا الحسن محمد بن أحمد الحنظلي ببغداد يقول: سمعت محمد بن إسماعيل الترمذي يقول: كنت أنا وأحمد بن الحسن الترمذي عند إمام الدين أبي عبد الله أحمد بن حنبل فقال له أحمد بن الحسن: يا أبا عبد الله! ذكروا لـ ابن أبي قتيلة بمكة أصحاب الحديث فقال: أصحاب الحديث قوم سوء، فقام أحمد بن حنبل وهو ينفض ثوبه ويقول: زنديق زنديق حتى دخل البيت].

هذا الأثر عن الإمام أحمد رحمه الله، وذلك أنه سئل ابن أبي قتيلة عن أصحاب الحديث فقال: أصحاب الحديث قوم سوء، فلما سمع الإمام أحمد إمام أهل السنة هذا الكلام قام وهو ينفض ثوبه ويقول: زنديق زنديق زنديق، يعني: هذا الرجل الذي تكلم في أصحاب الحديث زنديق، والزنديق هو المنافق والعياذ بالله، لقد كان أمثال هذا في الصدر الأول يسمون منافقين، ثم في زمان الإمام أحمد وبعده سمي المنافق زنديقاً، وهي كلمة فارسية معربة، وصار في زمننا الآن يسمى العلماني، فالعلماني هو المنافق، والعلمانيون هم المنافقون والزنادقة، فقد كان هناك منافقون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم على رأسهم عبد الله بن أبي كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، ثم بعد ذلك صاروا يسمون زنادقة، ويطلق هذا على الملحد، فهم في زماننا العلمانيون، فهم المنافقون، والعلمانيون الآن منتشرون بين المسلمين ويحاولون الدس على الإسلام والمسلمين، ويحاولون إفساد المسلمين، ويريدون أن تكون المرأة متفسخة عارية، فالعلمانيون لنفاقهم وخبث قلوبهم، يودون أن يفسد الإسلام والمسلمون، ويريدون إفساد المرأة بخروجها عارية متبرجة بين الناس، وتقود السيارة وتختلط بالرجال حتى يفسد المجتمع؛ لأنه إذا فسدت المرأة فسد المجتمع، والعلمانيون لا دين عندهم، لكنهم لا يستطيعون إظهار ما هم عليه من الكفر والنفاق؛ لأنهم لو أظهروا كفرهم الصريح فإن رقابهم ستقطع؛ لأن المؤمنين وأهل الخير كثيرون، فنجد العلماني يخفي كفره، ويحاول الإفساد وإدخال الشر على المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>