للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صفات أولياء الله]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وَأَوْلِيَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ هُمْ أَوْلِيَاؤُهُ: هُمْ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ، فَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ الْمُتَّقُونَ، وَقَدْ بَيَّنَ الْمُتَّقِينَ فِي قَوْله تَعَالَى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة:١٧٧]، وَالتَّقْوَى: هِيَ فِعْلُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَتَرْكُ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ.

] يقول المؤلف رحمه الله: (وَأَوْلِيَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ هُمْ أَوْلِيَاؤُهُ: هُمْ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) يعني: ولي الله هو المؤمن التقي، له وصفان، الوصف الأول: الإيمان، والوصف الثاني: التقوى، فمن كان مؤمناً تقياً فهو ولي الله، وولي الله هو المؤمن التقي، ولي الله هو الذي يوافق الله في محابه ومساخطه، فيفعل ما يحبه الله، ويترك ما يسخطه الله، هذا هو ولي الله.

ليس ولي الله كما يزعم بعض الصوفية هو الذي يتصرف في الكون، هذا كفر وردة، من ادعى أن أحداً يتصرف في الكون فهو كافر مرتد، ومن يسمونهم أولياء يشرعون لهم تشريعات ما أنزل الله بها من سلطان، ويرون أن بعض الأولياء الصوفية تسقط عنهم التكاليف، وأنه لا يسأل عن شيء، وأنك تكون بين يدي شيخك وإمامك كالميت بين يدي المغسل، فالصوفية لهم قبائح، فهم يزعمون أن أولياءهم ترفع عنهم التكاليف، يدخل بعض الصوفية على تلميذه ولا يمنعه من شيء، فيدخل على زوجته ويفعل بها الفاحشة، ولا يُسأل لأنه يجب أن يكون التلميذ بين يديه كالميت بين يدي الغاسل لا يتحرك ولا يسأل.

هكذا يقولون والعياذ بالله.

هذا من أولياء الشيطان ليس من أولياء الرحمن، بعضهم يزعم أن الولي هو الذي يتصرف في الكون، وأن له تدبيراً مع الله، وهذا شرك أكبر أعظم من شرك كفار قريش، يقول بعضهم: إن بعض الأولياء يتصرف في هذا الكون، ويقولون: هناك أوتاد وأقطاب، قد يكون الولي غير معروف؛ وقد يتصرف في الكون وأنت تراه وعليه ثياب مخرقة ومرمي على زبالة وشعوره وأظافيره طويلة، ولا يؤبه له، هذا حسب زعمهم، أقول: كل هذا من الكفر والضلال نعوذ بالله، إن ولي الله هو المؤمن التقي، بدليل قول الله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عليهمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:٦٢ - ٦٣]، ما ثوابهم؟ {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس:٦٤].

إذاً فولي الله هو المؤمن التقي، وليس الولي كما يزعم الصوفية هو الذي رفعت عنه التكاليف ويفعل الكبائر والكفر ولا يُسأل عما يفعل، أو يزعمون أنه يتصرف في الكون، فهذا كفر وضلال.

قوله: (فقد أخبر الله أن أولياءه هم المؤمنون المتقون وقد بين المتقين في قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة:١٧٧].

أي: هؤلاء هم الصادقون، وهذه تسمى آية البر؛ لأن الله تعالى بين خصال البر في هذه الآية، فأهل التقوى هم الذين يفعلون هذه الخصال، والتقوى هي فعل ما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه.

وأصلها توحيد الله عز وجل، وفعل الأوامر، وترك النواهي، هذه هي التقوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>