للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تأكيد الله على مبدأ الأخوة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقد جعل الله فيها عباده المؤمنين بعضهم أولياء بعض، وجعلهم إخوة، وجعلهم متناصرين متراحمين متعاطفين، وأمرهم سبحانه بالائتلاف، ونهاهم عن الافتراق والاختلاف فقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:١٠٣].

وقال: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ} [الأنعام:١٥٩].

فكيف يجوز مع هذا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن تفترق وتختلف حتى يوالي الرجل طائفة ويعادي طائفة بالظن والهوى، وبلا برهان من الله تعالى؟! وقد برأ الله نبيه صلى الله عليه وسلم ممن كان هكذا، فهذا فعل أهل البدع كالخوارج الذين فارقوا جماعة المسلمين واستحلوا دماء من خالفهم.

وأما أهل السنة والجماعة فهم معتصمون بحبل الله وأقل ما في ذلك أن يفضل الرجل من يوافقه على هواه وإن كان غيره أتقى لله منه].

وقد جعل الله في عباده المؤمنين بعضهم أولياء بعض.

أي: جعل الله في هذه النصوص عباده المؤمنين بعضهم أولياء بعض، فالمؤمن ولي أخيه قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة:٧١].

وجعلهم إخوة متناصرين ينصر بعضهم بعضاً، متراحمين يرحم بعضهم بعضاً، متعاطفين يعطف بعضهم على بعض، وهكذا هو حال المؤمن.

وأمرهم سبحانه بالائتلاف، فيجب أن يأتلفوا ويتفقوا ويتحدوا وأن تكون كلمتهم واحدة وقلوبهم متفقة، ونهاهم عن الاختلاف، فقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} [آل عمران:١٠٣] وحبل الله هو: دينه وكتابه، وذم المتفرقين فقال عنهم: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام:١٥٩]، هذا تهديد لهم.

يقول المؤلف: فكيف يجوز لأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن تفترق وتختلف حتى يوالي الرجل طائفة ويعادي طائفة، مثلما يفعل بعض الناس من الفرق الموجودة عند بعض المسلمين الشباب، فهذا الشاب يوالي طائفة الإخوان ويعادي الطائفة السلفية، أو هذا الشاب يوالي طائفة السلفيين ويعادي طائفة الإخوان.

إن الموالاة والمعادة لا تكون إلا في الله، وهذه الطائفة إذا كان عندها أخطاء تُبين أخطاؤها فإن رجعوا عن البدع وإلا يُهجروا، أما أن يوالي لأجل الطائفة فقط، فهذا لا يجوز، بل يجب عليك أن تنظر إلى الطائفة التي تريد أن تواليها، فإن كانت على الباطل، وإن كان فيها بدع فيجب ألا يواليها المسلم أما أن يوالي الطائفة فقط لأنهم من أهل بلده، أو لأن هواه يميل إليهم فهذا خطأ، ولهذا قال المؤلف: كيف يجوز مع هذا لأمة محمد أن تفترق وتختلف حتى يوالي الرجل طائفة ويعادي طائفة أخرى بالظن والهوى بلا برهان من الله تعالى؟ لكن إذا وجد برهان فلا بأس، وإذا كانت هذه الطائفة عندها بدع فيجب على المسلم أن يهجرها ويبتعد عنها ويتبرأ إلى الله منها فقد برأ الله نبيه صلى الله عليه وسلم ممن كان على الاختلاف والتفرق.

فهذا فعل أهل البدع كالخوارج الذين فارقوا جماعة المسلمين واستحلوا دماء من خالفهم، لأن الخوارج يوالون ويعادون لأجل اعتقادهم الفاسد، ويكفرون الناس بالمعاصي، فمن عصى أو من فعل كبيرة كفروه، وإذا كفروه عادوه واستحلوا دمه وماله وخلدوه في النار، فهؤلاء يوالون ويعادون بالهوى.

وأما أهل السنة والجماعة فهم معتصمون بحبل الله.

وأقل ما في ذلك أن يفضل الرجل من يوافقه على هواه وإن كان غيره أتقى لله منه، وهذا أقل ما يكون من الخلاف والفرقة، فإذا وجد أحداً يوافقه على هواه والاه وإن كان غيره أتقى منه، فالأتقى لله لا يواليه؛ لأنه خالف هواه، وهذا يواليه؛ لأنه وافق هواه، فهذا أقل ما في الخلاف، والواجب أن تكون الموالاة لله لا للهوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>