للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بدعة الرفض وحكم العلماء فيها]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وهكذا كل من فارق جماعة المسلمين، وخرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته من أهل الأهواء المضلة والبدع المخالفة.

ولهذا قاتل المسلمون أيضاً الرافضة الذين هم شر من هؤلاء، وهم الذين يكفرون جماهير المسلمين مثل الخلفاء الثلاثة وغيرهم، ويزعمون أنهم هم المؤمنون ومن سواهم كافر، ويكفرون من يقول: إن الله يرى في الآخرة، أو يؤمن بصفات الله وقدرته الكاملة ومشيئته الشاملة، ويكفرون من خالفهم في بدعهم التي هم عليها].

أي: أن كل من خرج عن جماعة المسلمين، وخرج عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وشريعته من أهل الأهواء والمضلين فإنه يقاتل أيضاً مثل الخوارج.

ومثل المؤلف رحمه الله بقوله: ولهذا قاتل المسلمون أيضاً الرافضة الذين هم شر من هؤلاء، فالمؤلف يرى أن الرافضة شر من الخوارج، وسموا رافضة لأنهم رفضوا زيد بن علي بن الحسين لما سألوه عن أبي بكر وعمر، وكانوا قبل ذلك يسمون بالخشبية؛ لأنهم يقاتلون بالخشب ولا يقاتلون بالسيف حتى يخرج المهدي الذي دخل في السرداب.

ويقولون: ليس هناك جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي الذي دخل في سرداب سامراء في العراق في سنة ستين ومائتين، فإذا خرج قام الجهاد، وأما الآن فليس هناك جهاد، ولا دين، ولا عمل بالشريعة حتى يخرج.

وفي زمن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -وهو رجل صالح- سأله الرافضة الخشبية وقالوا: ما تقول في أبي بكر وعمر؟ فترحهم عليهما وترضى عنهما وقال: هما وزيرا جدي رسول الله؛ لأن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب من سلالة فاطمة، وجده الرابع هو علي بن أبي طالب، فلما قال لهم ذلك تركوه ورفضوه، وقال: رفضتموني رفضتموني، فسموا الرافضة، وكانوا قبل ذلك يسمون بالخشبية، فهؤلاء الرافضة يقول عنهم المؤلف: هم شر من الخوارج، ولهذا قاتلهم المسلمون كما قاتل المسلمون الخوارج.

وأول ظهورهم في زمن علي رضي الله عنه، فهم السبئية الذين غلو في علي، وقالوا: إنك أنت الإله يقصدون علياً، فلما قالوا: أنت الإله أمر بأخدود يحفر في الأرض، وأججت فيه النيران، فألقاهم وقذفهم فيها، وقال: لما رأيت الأمر أمراً منكرا أججت ناري ودعوت قنبرا فلما قذفهم في النار قالوا: هذا هو الإله؛ لأنه لا يعذب بالنار إلا رب النار! فزادوا في غلوهم في علي نعوذ بالله، وقاتلهم المسلمون بعد ذلك في أزمنة متعددة، منها: في القرن الثالث الهجري في أيام العبيديين لما استولوا على مصر والمغرب وغيرها.

وقد بين المؤلف رحمه الله مذهب الرافضة فقال: وهم الذين يكفرون جماهير المسلمين، فيكفرون الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الثلاثة وغيرهم.

فهم يكفرون الخلفاء الثلاثة أبا بكر وعمر وعثمان، ويعتقدون أنهم ظلمة مغتصبون اغتصبوا الخلافة من علي بن أبي طالب، ويعتقدون أن الصحابة كفروا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وارتدوا، فولوا أبا بكر زوراً وبهتاناً وظلماً، وأخفوا النصوص التي فيها النص على أن الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم هو علي، ثم ولوا عمر بهتاناً وزوراً، ثم ولوا عثمان بهتاناً وزوراً، ثم وصلت النوبة إلى الخليفة الرابع وهو علي، ويزعمون أنهم هم المؤمنون ومن سواهم كفار، فيكفرون أهل السنة والجماعة.

ويكفرون من يقول: إن الله يرى في الآخرة؛ لأنهم يرون أنه لا يرى إلا ما كان جسماً محدوداً، والله ليس جسماً محدوداً، فلا يرى، هكذا يزعمون، فعقيدتهم في هذا هي نفس عقيدة المعتزلة.

وكذلك يكفرون من آمن بصفات الله وقدرته الكاملة، ومشيئته الشاملة، ويكفرون كل من خالفهم في بدعهم التي هم عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>