للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صور من حرص النبي على تحقيق التوحيد]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق التوحيد ويعلمه أمته، حتى قال له رجل: (ما شاء الله وشئت، فقال: أجعلتني لله نداً؟! بل ما شاء الله وحده)، وقال: (لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن ما شاء الله ثم شاء محمد)، ونهى عن الحلف بغير الله فقال: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت).

وقال: (من حلف بغير الله فقد أشرك)، وقال: (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله)].

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق التوحيد ويخلصه، وتحقيق التوحيد: تبسيطه وتصفيته وتخليصه من شوائب الشرك والبدع والمخالفات، فهذا تحقق التوحيد، ومن حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب، كما بوب الإمام العلامة المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد فقال: باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب.

فمن حقق التوحيد وخلصه وصفاه دخل الجنة بغير حساب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق التوحيد ويصفيه ويخلصه مما علق به من شوائب الشرك، ويعلمه أمته، حتى قال له رجل: ما شاء الله وشئت، فقال: (أجعلتني لله نداً؟! قل: ما شاء الله ثم شئت) فهذا من تحقيق التوحيد، فلما قال الرجل: ما شاء وشئت أنكر عليه وقال: (أجعلتني لله نداً؟!) يعني: مثيلاً، والند هو النظير، وقال: (لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد، ولكن ما شاء الله ثم شاء محمد).

فإن قيل: ما الفرق بينهما؟ ف

الجواب

أن الأولى تشريك بالواو، بمعنى جعل مشيئة الرسول معطوفة على مشيئة الله، والواو تقتضي التشريك والجمع، فهي ممنوعة، لكن (ثم) جائزة، فلك أن تقول: ما شاء الله ثم شاء محمد؛ لأن (ثم) للترتيب والتراخي، فلا تأتي مشيئة العبد إلا بعد مشيئة الله، فجازت (ثم) وامتنعت الواو.

والواو لا تفيد الترتيب ولا التراخي وإنما تفيد التشريك، وأكمل من ذلك أن يقول المرء: ما شاء الله وحده، فالأحوال ثلاثة: ما شاء الله وشئت، وهذا شرك، وما شاء الله ثم شئت، وهذا جائز، وما شاء الله وحده، وهذا الكمال والأفضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>