للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما يجزئ من الماء في الوضوء]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب ما يجزئ من الماء في الوضوء.

حدثنا محمد بن كثير حدثنا همام عن قتادة عن صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد).

قال أبو داود: رواه أبان عن قتادة قال: سمعت صفية].

هذا ثابت في الصحيحين من حديث أنس بلفظ: (كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد)، وهذا فيه مشروعية الاقتصاد في الماء.

والمد: ملء كفي الرجل المتوسط اليدين خلقة إذا مد يديه؛ ولهذا تسمى مد، يملؤه ثم يمد يديه، والصاع أربعة أمداد، فالمد حفنة، والصاع أربع حفنات، كل حفنة ملء كفي الرجل المتوسط.

والصاع أربعمائة وثمانون مثقالاً، والمثقال اثنتان وسبعون حبة شعير، هكذا قدرت، فالضابط: أن الصاع أربع حفنات، كل حفنة ملء كفي الرجل المتوسط، (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع، إلى خمسة أمداد).

وجاء: أنه عليه الصلاة والسلام توضأ بثلث المد كما سيأتي، واغتسل هو وبعض أزواجه في إناء يسع ثلاثة آصع.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا هشيم قال: أخبرنا يزيد بن أبي زياد عن سالم بن أبي الجعد عن جابر رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع، ويتوضأ بالمد)].

وهذا الحديث ضعيف؛ لأن يزيد بن أبي زياد هذا ضعيف، لكن الحديث ثابت رواه الشيخان وغيرهما بلفظ: (كان يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع، إلى خمسة أمداد).

قال في التقريب: يزيد بن أبي زياد ضعيف، كبر فتغير، وصار يتلقن، وكان شيعياً.

فهو ضعيف، لكن الحديث له شواهد في الصحيحين وغيرهما.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا ابن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن حبيب الأنصاري قال: سمعت عباد بن تميم عن جدته وهي أم عمارة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، فأتي بإناء فيه ماء قدر ثلثي المد)].

وهذا أقل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ به، ثلثي المد، والمد: ملء كفي الرجل المتوسط، وهذا فيه مشروعية الاقتصاد بالماء، وعدم الإسراف والإكثار، وأنه يتوضأ بالمد وبثلثي المد فإنه مع التبليغ يكفي.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا شريك عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن جبر عن أنس رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بإناء يسع رطلين، ويغتسل بالصاع).

قال أبو داود: ورواه شعبة قال: حدثني عبد الله بن عبد الله بن جبر سمعت أنساً إلا أنه قال: (يتوضأ بمكوك) ولم يذكر (رطلين)].

والمكوك: هو المد، فكان عليه الصلاة والسلام يتوضأ بالمد إلى خمسة أمداد، يعني: يغتسل بخمسة مكاكيك.

قال في ضبط المكوك: بفتح الميم وضم الكاف الأولى وتشديدها، جمعه مكاكيك ومكاكي، ولعل المراد بالمكوك هاهنا: المد، قاله النووي.

وقال ابن الأثير: أراد بالمكوك: المد، وقيل: الصاع، والأول أشبه، وجمعه: المكاكي، بإبدال الياء من الكاف الأخيرة، والمكوك: اسم من المكيال، ويختلف مقداره باختلاف الاصطلاح في البلاد.

انتهى.

قلت: المراد بالمكوك هاهنا: المد لا غير؛ لأنه جاء في حديث آخر مفسراً بالمد.

قال القرطبي: الصحيح: أن المراد به هاهنا المد؛ بدليل الرواية الأخرى.

وقال الشيخ وليد بن عراقي في صحيح ابن حبان في آخر الحديث: قال أبو خيثمة: المكوك: المد.

وزاد النسائي: (كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمكوك، ويغتسل إلى خمس أمداد)، وفي الحديث الذي رواه مسلم: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، ويتوضأ بمكوك).

وهذا ثابت في الصحيحين: (كان يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد)، والمكوك: هو المد.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال أبو داود: ورواه يحيى بن آدم عن شريك قال: عن ابن جبر بن عتيك قال: ورواه سفيان عن عبد الله بن عيسى قال: حدثني جبر بن عبد الله.

قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الصاع: خمسة أرطال.

قال أبو داود: وهو صاع ابن أبي ذئب، وهو صاع النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>