للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إدخال الرجل يده في الإناء قبل أن يغسلها]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها.

حدثنا مسدد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي رزين بن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم من الليل فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات، فإنه لا يدري أين باتت يده)].

وهذا رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه النهي عن غسل اليد في الإناء من القائم من نوم الليل، والنهي للتنزيه عند الجمهور، وعند غيرهم للتحريم؛ لأن هذا هو الأصل، ولا يصرف عن التحريم إلا بدليل، أما الجمهور فإنهم حملوه على التنزيه، وهذا خاص بالقائم من نوم الليل؛ لقوله: (لا يدري أين باتت يده)؛ لأن البيتوتة إنما تكون في الليل.

أما من استيقظ من نوم النهار وكذلك غير النائم فلا ينهى عنه، لكن يستحب له أن يغسلها ثلاثاً قبل أن يدخلها في الإناء، كما جاء في حديث عمران وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه غسل يديه ثلاث مرات)، لكن من نوم الليل، فيجب عليه أن يغسلها ثلاثاً على الصحيح، ويحرم أن يدخلها في الإناء قبل غسلها ثلاثاً، وإن كان الجمهور يرون أنه للتنزيه، وأن الأمر للاستحباب.

وإذا غمس يده في الإناء فلا ينجس الماء على الصحيح، وقيل: ينجس.

والصواب: أنه لا ينجس، ولا ينجس إلا إذا تغير أحد أوصافه، فإذا كانت في يده نجاسة وتغير أحد أوصافه ينجس، وإلا فلا ينجس؛ لحديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الماء الطهور لا ينجسه شيء).

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم -يعني: بهذا الحديث- قال: (مرتين أو ثلاثاً) ولم يذكر أبا رزين].

يعني: يغسل يده مرتين أو ثلاثاً، والصواب: أنه يغسلها ثلاثاً.

قال في تخريجه: رواه أحمد، والبخاري في الوضوء باب الاستجمار وتراً، ومسلم في الطهارة، وابن ماجة والترمذي والنسائي.

وكونه يغسلها ثلاثاً ثم يتوضأ هذا يستحب في كل وضوء ثلاثاً، لكن يتأكد عند الاستيقاظ من نوم الليل.

فالغسل هذا مستحب، فقبل أن يتوضأ يغسلها ثلاثاً حتى ولو من غير نوم الليل، لكن في نوم الليل الأفضل أن يغسلها ثلاثاً، يعني: الغسل المطلوب، حتى لو لم يكن يريد أن يغسلهما؛ لأنه قد يحتمل أن يكون فيهما أذى، فلو لم يغسلهما وتوضأ وفيهما بعض الأذى فقد يكون فيهما نجاسة، وقد يكون أصابه دم من بعض الحشرات، قال بعضهم عن أهل الحجاز: إنهم يستجمرون والبلاد حارة، وربما أصابت يده دبره، المقصود: أنه يغسلها ثلاثاً حتى ولو لم يرد؛ لتنظيفها.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ومحمد بن سلمة المرادي قالا: حدثنا ابن وهب عن معاوية بن صالح عن أبي مريم قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات؛ فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده، أو أين كانت تطوف يده)].

والبيتوتة إنما تكون في الليل.

قال في تخريجه: إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>