للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث المغيرة في مسح رسول الله على الجوربين والنعلين]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: المسح على الجوربين.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان الثوري عن أبي قيس الأودي -هو عبد الرحمن بن ثروان - عن هزيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين).

قال أبو داود: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث؛ لأن المعروف عن المغيرة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين)].

هذا الحديث في المسح على الجوربين، ومن العلماء من تكلم في هذا الحديث وقال: إن الأودي وهزيلاً تفردا بها، وإن كان الأودي من رجال الصحيح لكنه تفرد، والمعروف عن المغيرة أنه روى المسح على الخفين لا على الجوربين، وفي هذه الرواية روى المسح على الجوربين، قالوا: فهذا يدل على أنهما تفردا بهذا الرواية، وإنما هي المسح على الخفين؛ لأن هذا هو المعروف من حديث المغيرة.

واختلف في الجوربين ما هما، فقيل: إنهما من جلد، وقيل: من قطن، وقيل: من صوف.

ولما ذكر من تفرد الأودي وهزيل ذهب العلماء إلى تضعيف هذا الحديث، وممن ذهب إلى تضعيفه الإمام أحمد رحمه الله، ولكنه قال بالمسح على الجوربين، وقال به أكثر أهل العلم، مستدلين برواية ذلك عن المغيرة بن شعبة، وقالوا: إن الأودي وهزيلاً رويا عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه المسح على الخفين فقد يرويان عنه المسح على الجوربين، ثم إن الجوربين من ناحية المعنى كالخفين، فيدخل كل منهما الرجل فيمنع البرد والحر والأذى، ويدل على جواز المسح عليهما فعل الصحابة رضوان الله عليهم، ولهذا ذهب الإمام أحمد رحمه الله إلى القول بالمسح على الجوربين غير مستدل بهذا الحديث، وإنما اعتمد في ذلك على القياس وفتاوى الصحابة.

ومن العلماء من منع المسح على الجوربين، وقال: إن الثابت إنما هو المسح على الخفين دون الجوربين.

قال ابن قيم الجوزية: وقال النسائي: ما نعلم أن أحداً تابع هزيلاً على هذه الرواية، فالصحيح عن المغيرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين).

وقال البيهقي: قال أبو محمد -يعني يحيى بن منصور -: رأيت مسلم بن الحجاج ضعف هذا الحديث.

فالإمام مسلم ضعف هذا الخبر من أجل التفرد، ورأى أنه شاذ، وهزيل والأودي وإن كانا ثقتين إلا أنهما تفردا بهذه الرواية، والقاعدة عند أهل العلم أن الثقة إذا خالف من هو أوثق منه يكون حديثه شاذاً، ومن العلماء من قال: إن هذه الزيادة من الثقة مقبولة وحسن هذا الحديث الإمام الألباني، وعلى كل حال فإنه إذا لم يصح الحديث فالعمدة على القياس وفتاوى الصحابة.

قال رحمه الله تعالى: [وروي هذا -أيضاً- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه مسح على الجوربين)، وليس بالمتصل ولا بالقوي].

أي: أن هذه الزيادة عن أبي موسى منقطعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>