للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (الوضوء مما أنضجت النار)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: التشديد في ذلك.

حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة حدثني أبو بكر بن حفص عن الأغر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الوضوء مما أنضجت النار).

حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا أبان عن يحيى -يعني ابن أبي كثير - عن أبي سلمة أن أبا سفيان بن سعيد بن المغيرة حدثه: (أنه دخل على أم حبيبة رضي الله عنها فسقته قدحاً من سويق، فدعا بماء فمضمض، قالت: يا ابن أختي! ألا توضأ؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: توضئوا مما غيرت النار، أو قال: مما مست النار).

قال أبو داود: في حديث الزهري: يا ابن أخي!].

هذا الأثر محمول على أن أم حبيبة رضي الله عنها لم تبلغها رخصة عدم الوضوء، وهو حديث جابر: (كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم الوضوء مما مست النار)، ويظهر أنها أمرت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم].

أما حديث أبي هريرة فهذا كان أولاً، ثم نسخ.

وحديث أبي هريرة هذا أخرجه أحمد ومسلم في كتاب الحيض من طريق إبراهيم بن قارظ عن أبي هريرة بلفظ: (توضئوا مما مست النار)، والنسائي وقد أخرجه النسائي وأحمد جميعاً عن أبي سفيان.

وقد أجاب بعض العلماء على حديث أم حبيبة بجوابين: الأول: أنه منسوخ بحديث جابر.

الثاني: أن المراد بالوضوء غسل الفم والكفين.

قال النووي: ثم إن هذا الخلاف الذي حكيناه كان في الصدر الأول، ثم أجمع العلماء بعد ذلك على أنه لا يجب الوضوء من أكل ما مسته النار.

واعترض الشوكاني على الجواب الأول: بأن الجواب الأول إنما يتم بعد تسليم أن فعله صلى الله عليه وسلم يعارض القول الخاص وينسخه، والمتقرر في الأصول خلافه.

وقال النووي عن حديث أم حبيبة: (هذا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لم يبلغها النهي).

والظاهر من كلام أم حبيبة أنها أوجبت، إذ قالت: (ألا تتوضأ؟ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بالوضوء مما غيرت النار)، والأمر للوجوب.

أما قول أبي داود في حديث الزهري: يا ابن أخي، فهو وهم؛ لأن أم حبيبة خالة أبو سفيان، ويمكن أن يكون محمولاً على المجاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>