للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (مر رجل على النبي وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يرد السلام وهو يبول.

حدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة قالا: حدثنا عمر بن سعد عن سفيان عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه فلم يرد عليه).

قال أبو داود: وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما وغيره: (أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم ثم رد على الرجل السلام)].

وهذا فيه أنه لا يسلم على من يبول ومن يقضي حاجته، وإذا سلم عليه أحد وكان موجوداً وأمكنه السلام عليه بعد ذلك فلا بأس، والتيمم هنا هو من باب الاستحباب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله في كل أحواله، والسلام اسم من أسماء الله.

وقد جاء في الحديث الآخر أنه سلم عليه وهو ليس على حاجته، ولم يكن على طهر، فتيمم ورد عليه السلام.

وفي الحديث الآخر أنه لم يجد ماءً أو لم يكن قريباً من البلد فحك الجدار وتيمم ورد عليه السلام وقال: (كرهت أن أذكر الله إلا على طهر)، هذا إذا أمكن رد السلام عليه، فإذا سلم إنسان على آخر وهو يبول ولم يذهب فله أن يرد عليه السلام بعد ذلك إذا تيمم، وإذا كان الماء موجوداً يتوضأ؛ لأن السلام على طهارة أفضل.

قال الشارح: فلم يرد عليه الجواب، وفي هذا دلالة على أن المسلم في هذا الحال لا يستحق جواباً، وهكذا في رواية مسلم وأصحاب السنن من طريق الضحاك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه)، وكذا في ابن ماجة من حديث أبي هريرة وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

وأما في رواية محمد بن ثابت العبدي وابن الهاد كلاهما عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما التي أخرجها المؤلف في باب التيمم ففيها أن السلام كان بعد البول.

وفي رواية مسلم: (أنه سلم عليه وهو يبول ولم يرد عليه)، فإذا سلم عليه وهو يقضي حاجته لا يرد عليه, وأما إذا كان ليس في قضاء الحاجة فإنه يجب رد السلام، لكن إن رده وهو على طهارة فهو أفضل، وإلا فلا يجب التطهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحواله.

وأما ما جاء في الحديث الآخر أن النبي صلى الله عليه وسلم حك الجدار لما سلم عليه الرجل وتيمم وقال: (كرهت أن أذكر الله إلا على طهر) فهذا من باب الاستحباب، فالأفضل للإنسان إذا أراد أن يذكر الله أن يكون على طهارة، والسلام من ذكر الله، ولكن لا بأس بذكر الله ولو لم يكن على طهور، وأعلى ذكر الله قراءة القرآن، وأفضل الذكر قراءة القرآن، فيجوز للإنسان أن يقرأ القرآن عن ظهر قلب إذا لم يمس المصحف، إلا إذا كان عليه جنابة، كما في حديث علي: (فأما الجنب فلا ولا آية) فالجنب لا يقرأ ولا عن ظهر قلب، وأما غير الجنب فله أن يقرأ من غير مس المصحف، ولكن الأفضل أن يكون على طهارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>