للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حرمة وطء الحائض وجواز مؤاكلتها ومباشرتها في غير محل الوطء]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في مؤاكلة الحائض ومجامعتها: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: أخبرنا حماد قال: أخبرنا ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن اليهود كانت إذا حاضت منهم المرأة أخرجوها من البيت، ولم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيت، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله تعالى ذكره: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:٢٢٢]، إلى آخر الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جامعوهن في البيوت، واصنعوا كل شيء غير النكاح، فقالت اليهود: ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئاً من أمرنا إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله! إن اليهود تقول كذا وكذا أفلا ننكحهن في المحيض؟ فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث في آثارهما فسقاهما فظننا أنه لم يجد عليهما)].

هذا الحديث أخرجه مسلم رحمه الله والترمذي والنسائي وابن ماجة، وحماد هو ابن سلمة وهو شيخ موسى بن إسماعيل وهو أثبت الناس في الرواية، وهذا الباب ذكره المؤلف رحمه الله ليبين حكم مؤاكلة الحائض، ومباشرتها، والأكل معها والشرب معها، وأن هذا لا بأس به كما دلت عليه الأحاديث.

وفي هذا الحديث أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة اعتزلوها، وجعلوها في غرفة مستقلة، ولم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:٢٢٢]، فلم يأمر الله سبحانه وتعالى إلا اعتزالها في المحيض يعني في محل الحيض وهو الجماع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جامعوهن في البيوت)، أي: اجتمعوا معهن، واجلسوا معهن، وآكلوهن وشاربوهن مخالفة لليهود، قال: (جامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء إلا النكاح) والمراد بالنكاح الجماع، والنكاح يطلق على العقد ويطلق على الوطء، والمراد هنا الوطء، فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، قالت اليهود: ما يريد هذا الرجل -أي: النبي صلى الله عليه وسلم- أن يدع شيئاً من أمرنا إلا خالفنا فيه، فمخالفة اليهود مقصودة للشارع، ولهذا جاء في الحديث الآخر: (إن اليهود لا يصلون في نعالهم فصلوا في نعالكم)، (إن اليهود لا يصبغون فخالفوهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>