للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جواز المبيت مع الحائض في ثوب واحد]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: أخبرنا يحيى عن جابر بن صبح قال: سمعت خلاساً الهجري قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نبيت في الشعار الواحد وأنا حائض طامث فإن أصابه مني شيء غسل مكانه ولم يعده ثم صلى فيه، وإن أصاب تعني ثوبه منه شيء غسل مكانه ولم يعده ثم صلى فيه].

الشيخ: وهذا الحديث سنده حسن لا بأس به، قد وأخرجه النسائي كما سبق، والشعار هو الثوب الذي يلي الجسد، وفيه دليل على جواز مباشرة الحائض والاضطجاع معها في الثوب الواحد وهو الشعار.

وفيه أن الإنسان إذا أصابه شيء من الدم يغسل ثوبه أو جسده ولا يتجاوز مكانه ولا يتكلف، كما يفعل بعض العامة إذا أصابه شيء من بعض النجاسة كالبول غسل الثوب كله، أو إذا أصاب جسمه شيء اغتسل، هذا من التكلف الذي لا وجه له، إنما يغسل مكان النجاسة فقط، فإن كان متوضئاً وأصابته نجاسه جاز أن يغسل مكان النجاسة والوضوء أحسن.

وقولها: لم يعده، أي: لم يجاوز موضع الدم.

والطامث هي الحائض.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: أخبرنا عبد الله يعني ابن عمر بن غانم عن عبد الرحمن يعني ابن زياد عن عمارة بن غراب قال: إن عمة له حدثته أنها سألت عائشة رضي الله عنها قالت: إحدانا تحيض وليس لها ولزوجها إلا فراش واحد، قالت: أخبرك بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ دخل فمضى إلى مسجده، قال أبو داود: - تعني مسجد بيته - فلم ينصرف حتى غلبتني عيني وأوجعه البرد فقال: (ادني مني، فقلت: إني حائض فقال: وإن اكشفي عن فخذيك)].

الشيخ: وإن، أي: وإن كنت حائض.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [(فقال: وإن اكشفي عن فخذيك فكشفت فخذي، فوضع خده وصدره على فخذي، وحنيت عليه حتى دفىء ونام)].

الشيخ: هذا الحديث فيه علل، وآفات متعددة، ومن العجب سكوت أبي داود عليه، وهو رحمه الله قال: ما سكت عنه فهو حسن، فـ عبد الله بن عمر بن غانم هذا ضعيف، وعبد الرحمن بن زياد ضعيف أيضاً، وعمارة بن غراب أيضاً ضعيف، وعمته مجهولة أيضاً كل هؤلاء لا يحتج بحديثهم فتلك أربع علل، ويزاد عليها النكارة في المتن أيضاً، وهو أن وضع الرأس على الفخذين ليس فيه دفئ، وإنما الدفئ أن يضع رأسه على ثوبٍ أو شيءٍ يكون حائلاً بينه وبين اللحم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سعيد بن عبد الجبار قال: أخبرنا عبد العزيز - يعني ابن محمد - عن أبي اليمان عن أم ذرة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كنت إذا حضت نزلت عن المثال على الحصير فلم نقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ندن منه حتى نطهر].

الشيخ: عن المثال يعني: عن الفراش والحديث في سنده أبو اليمان وهو ليس بمشهور وفي سنده أم ذرة ويقال: درة بالدال أو الذال وهي مجهولة فيسقط الاحتجاج بهذا الحديث، ومع ذلك أيضاً سكت عليه أبو داود رحمه الله، ولو استقام سنده وصح فهو شاذ، لا يعمل بشذوذه ومخالفته للأحاديث الصحيحة التي تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم يباشر الحائض ويلمسها ويشرب من موضع فمها ويتعرق العظم من موضع فمها، وقد جاء في حديث أنس: (تصنع كل شيء إلا النكاح)، أي الجماع كما سبق.

وهذا فيه أنها تقول: (لم نقرب الرسول صلى الله عليه وسلم ولم ندن منه حتى نطهر)، فهو شاذ إذا صح سنده لكن لا يصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>