للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أقوال العلماء في تفسير القرء وما انبنى عليه]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عيسى بن حماد قال: أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله عن المنذر بن المغيرة عن عروة بن الزبير قال: إن فاطمة بنت أبي حبيش حدثته أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الدم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما ذلك عرق، فانظري إذا أتى قرؤك فلا تصلي، فإذا مر قرؤك فتطهري ثم صلي ما بين القرء إلى القرء)].

وهذا الحديث في إسناده المنذر بن المغيرة وهو مجهول.

قال أبو حاتم: مجهول ليس بمشهور وذكره ابن حبان في الثقات.

ومع ذلك فالحديث له شواهد ومنها ما سبق، وفيه دليل على أن المستحاضة تجلس أيام عادتها ثم تتلجم وتصلي، وفيه دليل على أن دم الاستحاضة دم عرق وهو يسمى نزف وفيه أن المرأة تصلي من القرء إلى القرء، والقرء يطلق على الطهر ويطلق على الحيض، وقد اختلف العلماء هل المراد بالقرء الطهر، أو الحيض.

قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:٢٢٨]، فمن قال: إن القروء الحيض، قال المرأة تعتبر في الحيض إذا كانت تحيض ثلاثة حيض، ومن قال: إن المراد به الطهر قال: تحتجز ثلاثة أطهار ذهب إلى الأول الحنابلة وذهب إلى الثاني الشافعية والجماعة.

والصواب أن المراد به الحيض، وهو الذي تدل عليه النصوص، وتدل عليه اللغة أيضاً، وهو يطلق على الطهر، ولكن المراد به هنا الحيض، ثلاثة قروء: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:٢٢٨]، أي: ثلاث حيضات، ولهذا في هذا الحديث إنما ذلك عرق يعني دم الاستحاضة، فانظري فإذا أتى قرؤك فلا تصلي، يريد الحيض، ولو كان المراد به الطهر لم يقل: فلا تصلي، فقوله: إذا أتى قرؤك أي: وقت حيضك فلا تصلي، فإذا مر قرؤك فتطهري ثم صلي، فما بين القرء إلى القرء، ما بين الحيض إلى الحيض، وبهذا يتضح أن المراد به الحيض.

فهذا الحديث، وحديث سليمان بن يسار يشد بعضهما بعضاً، فيكونا حجة.

فحديث سليمان بن يسار فيه انقطاع وهذا فيه جهالة فيشد بعضهما الآخر ويشهد لهما أيضاً حديث مسلم السابق من حديث عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>