للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صفة دم الحيض]

قال المؤلف رحمه الله: [حدثنا محمد بن المثنى قال: أخبرنا محمد بن أبي عدي عن محمد يعني: ابن عمرو قال: حدثني ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها: (أنها كانت تستحاض فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق)].

وهذا الحديث أخرجه النسائي بإسناد حسن كمال قال المنذري، وفيه: بيان الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة، فدم الحيض دم أسود يعرف، ويعرف تروى بالوجهان: يعرَف، بفتح الراء على البناء للمجهول، أي: تعرفه النساء، وروي يعرِف بالكسر، أي: له عرف ورائحة، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم فصل الحكم، فقال: (إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف، فإذا كان ذلك)، وهذا الخطاب للمرأة، يعني: في وقت زمن الحيض، (فأمسكي عليك الصلاة، فإذا كان الآخر، فتوضئي)، أي: فهو دم الاستحاضة (فتوضئي وصلي فإنما هو عرق) أي: دم عرق، وقد كانت مميزة.

ففيه العمل بالتمييز.

ويحتمل: أنها معتادة، ولكن الأظهر: أنها مميزة، فدل على أن: المرأة إذا كانت مميزة ولم تعلم عادتها فإنها تعمل بالتمييز.

وهذا الحديث سبق أن المؤلف رحمه الله قال: إنه فيه شيء من الوهم؛ لأنه تفرد به محمد بن عمرو عن الزهري.

قال المؤلف رحمه الله: [قال أبو داود: وقال ابن المثنى: حدثنا به ابن أبي عدي من كتابه هكذا، ثم حدثنا به بعد حفظاً قال: حدثنا محمد بن عمرو عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها (أن فاطمة كانت تستحاض) فذكر معناه].

أي: أن ابن أبي عدي حدث به مرة من كتابة، وحدث به مرة أخرى من حفظه.

فلما حدث به من كتابة قال محمد بن أبي عدي: عن محمد يعني: ابن عمرو قال: حدثني ابن شهاب، ولما حدث به من حفظة قال: حدثنا محمد بن عمرو عن الزهري عن عروة عن عائشة فذكره من كتابه عن عروة عن فاطمة بنت أبي حبيش، وجعله من حفظه من مسند عائشة: ولهذا تكلم العلماء في هذا الحديث.

وذكر ابن القيم رحمه الله: أن ابن القطان قال: إن الحديث منقطع؛ لأنه انفرد به محمد بن عمرو عن الزهري عن عروة، ورواه عن محمد بن عمرو محمد بن أبي عدي مرتين: إحداهما من كتابة، والثانية من حفظه.

والمؤلف رحمه الله رد هذا الحديث أيضاً.

وقال ابن القيم رحمه الله: إن الحديث متصل.

فقد حدث به محمد بن عمرو من كتابة منقطعاً، وحدث به من حفظه متصلاً، فزاد عائشة، وهذا فيه نظر، ورد ابن حزم هذا الحديث.

والمقصود: أن هذا الحديث فيه كلام، فالمؤلف يرى أن فيه وهماً، وقال ابن القطان: إن فيه انقطاعاً، وابن القيم يرى أن الحديث لا بأس به، وأن عروة بن الزبير يمكن أن يرويه عن فاطمة ويرويه عن عائشة، ولا محذور في هذا، ولا يعتبر هذا وهماً، وقال المؤلف رحمه الله: إن فيه وهماً من وهم الأوزاعي؛ لأن محمد بن عمرو تفرد فيه عن الزهري بما لم يذكره سواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>