للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح الأحاديث الواردة في استحاضة زينب بنت جحش]

قال المؤلف رحمه الله: [قال أبو داود: ورواه أبو الوليد الطيالسي ولم أسمعه منه عن سليمان بن كثير عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: (استحيضت زينب بنت جحش فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: اغتسلي لكل صلاة).

وساق الحديث].

وهذا منقطع، كما قال: إن بينه وبين أبي الوليد واسطة.

وفيه: أن النبي أمرها بالاغتسال.

وهذا غير صحيح؛ لأنه لم يصح الأمر بالغسل، وإنما هي التي كانت تغتسل.

ولم يسمع المؤلف هذا الحديث من أبي الوليد الطيالسي مع كونه من تلامذته.

وقد قال المؤلف: إن بينهما واسطة، ولم يذكرها.

فالحديث منقطع ضعيف.

والثابت أنها هي التي كانت تغتسل، كما في الأحاديث الصحيحة.

قال المحقق في الحاشية: [وليست كل امرأة مستحاضة يجب عليها الاغتسال لكل صلاة، وإنما هي فيمن تبتلى وهي لا تميز دمها، أو كانت لها أيام فنسيتها، فهي لا تعرف موضعها ولا عادتها ولا وقت انقطاع الدم عنها].

وهذه هي المتحيرة، ولكن لا يجب عليها الغسل.

وأما الغسل لكل صلاة فمستحب، إذا فعلته من نفسها.

ولم يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت الأمر منه فهو محمول على الاستحباب؛ لأن النبي لم يأمر المستحاضات بالغسل لكل صلاة؛ لأن فيه مشقة.

قال المؤلف رحمه الله: [قال أبو داود: ورواه عبد الصمد عن سليمان بن كثير قال: (توضئي لكل صلاة).

قال أبو داود: وهذا وهم من عبد الصمد، والقول فيه قول أبي الوليد].

وهذا هو الصواب.

ولكن أبو داود وجماعة يجعلون رواية عبد الصمد عن سليمان بن كثير: (توضئي لكل صلاة)، وهماً؛ لأنه انفرد بها.

وأما رواية أبي الوليد الطيالسي عن سليمان بن كثير التي فيها الغسل لكل صلاة المنقطعة فيصححها أبو داود؛ لأنه يوثق الواسطة بينه وبين أبي الوليد، ويرجح قول أبي الوليد على قول عبد الصمد؛ لأنه أقوى في الحفظ.

والصواب: أن عبد الصمد لم يهم؛ لموافقته النصوص التي فيها الأمر بالوضوء فقط.

وإن كان أبو الوليد أقوى حفظاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>