للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (مر رجل على رسول الله في سكة من السكك)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي أبو علي أخبرنا محمد بن ثابت العبدي أخبرنا نافع قال: انطلقت مع ابن عمر في حاجة إلى ابن عباس، فقضى ابن عمر حاجته، فكان من حديثه يومئذٍ أن قال: (مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سكة من السكك وقد خرج من غائط أو بول، فسلم عليه فلم يرد عليه، حتى إذا كاد الرجل أن يتوارى في السكة فضرب بيديه على الحائط ومسح بهما وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه، ثم رد على الرجل السلام وقال: إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أني لم أكن على طهر)].

السكة هي: الشارع الصغير، ويسمى زقاقاً.

وهذا الحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سكة من السكك، وقد خرج لقضاء الحاجة في البلد في شارع من الشوارع، فسلم عليه هذا الرجل فلم يرد عليه، فلما كاد أن يتوارى تيمم النبي صلى الله عليه وسلم وضرب بيديه على الحائط ومسح بهما وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى ومسح ذراعيه ورد عليه السلام.

وفيه أنه ضرب ضربتان في هذا وأنه في البلد.

لكن هذا الحديث ضعيف جداً لا يحتج به؛ فيه محمد بن ثابت العبدي ضعيف.

فلا يحتج بهذا الحديث على التيمم في الحضر مع وجود الماء، ولا يصح رفع الضربتين، بل الثقات الحفاظ رووه من فعل ابن عمر.

قال الذهبي: ينكر عليه حديث ابن عمر في التيمم لا غير؛ لأنه عليه الصلاة والسلام تيمم لرد السلام، والصواب: أنه موقوف على ابن عمر.

وكذلك قوله: (ضرب ضربتين) فالتيمم في الحضر مع وجود الماء لا يجوز.

أما الحديث السابق فإنه عادم للماء؛ لأنه أقبل من نحو بئر جمل، وبئر جمل مكان ليس بقرب المدينة، بل خارج المدينة، إذاً: ليس عنده ماء، فتيمم لرد السلام، أما هذا فكان في وسط البلد في سكة من سكك المدينة، فلا يصح هذا الحديث، ولا يصح لفظ (الضربتين).

[قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: روى محمد بن ثابت حديثاً منكراً في التيمم].

أبو داود يقول: سمعت أحمد بن حنبل رحمه الله يقول: روى محمد بن ثابت حديثاً منكراً في التيمم، وهو هذا الحديث والنكارة فيه من جهتين: من جهة تيممه مع وجود الماء، ومن جهة كون التيمم ضربتين.

وإنما هذا من فعل ابن عمر.

[قال ابن داسة: قال أبو داود: لم يتابع محمد بن ثابت في هذه القصة على ضربتين عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورووه فعل ابن عمر].

أبو داود يقول: لم يتابع محمد بن ثابت في هذه القصة على ضربتين، بل تفرد بذكر الضربتين مع كونه ضعيفاً لا يحتج بحديثه، ورووه -يعني: الثقات- من فعل ابن عمر لا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فالصواب أنه موقوف على ابن عمر.

ويكون هذا اجتهاد منه رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>