للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب امرأته)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا ابن أبي عقيل ومحمد بن سلمة المصريان قالا: حدثنا ابن وهب -قال ابن أبي عقيل: أخبرني أسامة، يعني ابن زيد - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب امرأته إن كان لها، ولبس من صالح ثيابه، ثم لم يتخط رقاب الناس، ولم يلغ عند الموعظة كانت كفارة لما بينهما، ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظُهرا)].

هذا الحديث من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه، وهو عمرو بن شعيب بن عبد الله بن عمرو بن العاص، فأبوه شعيب وجده عبد الله بن عمرو بن العاص، ورواية عمرو لا بأس بها، وهي من قسم الحسن، لكن هذا الحديث في سنده أسامة بن زيد، وأسامة هذا إن كان أسامة بن زيد الليثي فالحديث لا بأس به، لأن أسامة بن زيد الليثي -كما في التقريب- صدوق يهم، وإن كان أسامة بن زيد بن أسلم فهو ضعيف؛ لأن زيد بن أسلم له ثلاثة أولاد كلهم ضعفاء: أسامة وعبد الله وعبد الرحمن، وأحسنهم عبد الله، فـ أسامة بن زيد بن أسلم ضعيف.

وعلى كل حال فالحديث فيه هذا الفضل لمن أتى بهذه الأمور يوم الجمعة، بأن اغتسل، ومس من طيب امرأته -ولعله إذا لم يكن عنده طيب وكان لامرأته طيب- ولبس من صالح ثيابه، ثم لم يتخط رقاب الناس، ولم يلغ عند الموعظة كان كفارة لما بينهما.

قوله: [(ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهراً)] يعني: فاتته الجمعة وكانت له ظهراً، وهذا يدل على التحذير من اللغو والتخطي لرقاب الناس، وذلك أن الواجب الإنصات والاستماع للخطبة، ولو سمع موعظة من خارج المسجد لكان عليه أن يستمع فلعله يستفيد، فكيف وهو في المسجد وهو يسمع خطبة الجمعة وهي موعظة الأسبوع؟! ولهذا لما سمعت أم سلمة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ويقول: (أيها الناس) وهو في المسجد وكان عندها ماشطة تمشط شعرها فأرادت أن تستمع لمقالته قالت الماشطة: إنه يقول: (يا أيها الناس) فقالت: كفي! فأنا من الناس.

وقوله: (كانت له ظهراً) يعني: مثل صلاة الظهر، وهذا إذا فاتته الجمعة، وفيه التحذير من تخطي رقاب الناس وإيذائهم واللغو إذا تكلم الإمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>