للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث سؤال أهل العراق ابن عباس عن وجوب الغسل يوم الجمعة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: أخبرنا عبد العزيز يعني: ابن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة أن أناساً من أهل العراق جاءوا فقالوا: يا ابن عباس! أترى الغسل يوم الجمعة واجباً؟ قال: لا، ولكنه أطهر وخير لمن اغتسل، ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب، وسأخبركم كيف بدء الغسل: (كان الناس مجهودين، يلبسون الصوف، ويعملون على ظهورهم، وكان مسجدهم ضيقاً مقارب السقف إنما هو عريش، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار، وعرق الناس في ذلك الصوف، حتى ثارت منهم رياح آذى بذلك بعضهم بعضاً، فلما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الريح قال: أيها الناس! إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا، وليمس أحدكم أفضل ما يجد من دهنه وطيبه).

قال ابن عباس: ثم جاء الله بالخير ولبسوا غير الصوف، وكفوا العمل، ووسع مسجدهم، وذهب بعض الذي كان يؤذي بعضهم بعضاً من العرق].

هذا حديث عكرمة عن ابن عباس، وفيه أن ابن عباس رضي الله عنه يرى أن الغسل ليس بواجب في الجمعة، وأن سبب الوجوب أولاً أن الناس كانوا مجهودين يلبسون الصوف، وكان مسجدهم ضيقاً مقارب السقف، وأن الناس كانوا يأتون في اليوم الحار فيعرقون فتخرج منهم الريح ويؤذي بعضهم بعضاً، فلما وجد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أمرهم بالغسل، وأما بعد فإن الناس صاروا يلبسون غير الصوف، ووسعت المساجد -ويقال في هذا الزمان: ووجدت المكيفات- وكفوا العمل، فهم لا يعملون أيضاً، وذهب بعض الذي كان يؤذي بعضهم بعضاً من العرق فصار ليس بواجب، فهذا قول ابن عباس، ولكن الأحاديث الصحيحة واضحة في وجوب الغسل، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) وقد تقدم هذا، ولكن هذا اختيار ابن عباس رضي الله عنه.

وقد أخرجه أحمد بن خزيمة من طريق عمرو بن أبي عمرو.

وفي هذا الحديث قال: (أيها الناس) ولم يقل: أيها المسلمون، وذلك ليشمل المنافقين الموجودين في المسجد؛ لأنه قد يكون في المسجد منافقون، وقد يسمعه من هو خارج المسجد، وقد يقال: إن قوله: (أيها المسلمون) يشمل المنافقين؛ لأن أحكام الإسلام تجري عليهم؛ لأنهم ملتزمون بالإسلام ظاهراً.

وعبد العزيز بن محمد صدوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>