للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)]

قال المؤلف رحمه الله: [الرخصة في السواك بالعشي للصائم.

أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)].

يعني: (لأمرتهم) أمر إيجاب، وإلا فقد أمرهم أمر استحباب عليه الصلاة والسلام.

وهذه الترجمة من دقائق الإمام النسائي رحمه الله: السواك بالعشي للصائم، وقد قصد بذلك الرد على من قال: إن السواك يكره في آخر النهار للصائم؛ لأنه يزيل الرائحة، وفي هذا حديث ضعيف: (إذا صمتم فاستاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي)، والغداة: أول النهار، وذهب إلى الكراهة الحنابلة وجماعة، فقالوا: إنه يكره للصائم أن يستاك في آخر النهار بعد الزوال، واختلفوا متى يكون وقت الكراهة، فمنهم من قال: إذا أذن الظهر يكره الاستياك، ومنهم من قال: بعد الصلاة، وقالوا: إن كراهة الاستياك تبقى إلى آخر نهار الصوم؛ لأنه يزيل الرائحة التي تنبعث من المعدة.

وهذه الرائحة التي تنبعث من معدة الصائم وإن كانت مستكرهة في مشام الناس في الدنيا إلا أنها عند الله أطيب من ريح المسك، فقد جاء في الحديث: (وإن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) وقالوا: إنه إذا استاك في آخر النهار فإنه يزيل الرائحة فيكره واحتجوا بهذا الحديث: (إذا صمتم فاستاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي) والصواب: أنه حديث ضعيف لا يحتج به، وهذه الرائحة لا يزيلها السواك؛ لأن هذه الرائحة منبعثة بسبب خلو المعدة من الطعام، فتبقى هذه الرائحة موجودة سواء استاك أو لم يستاك، فالصواب: أنه يشرع ويستحب للصائم أن يستاك في أول النهار وفي آخره، عملاً بهذا الحديث: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل الصلاة) فإنه لم يخصصه بقوله: إلا في العشي بالنسبة للصائم، أو في آخر اليوم للصائم وإنما ورد عاماً، ولهذا ترجم الإمام النسائي رحمه الله بهذه الترجمة: [الرخصة في السواك بالعشي للصائم]، وقصده من ذلك: الرد على من قال: إنه يكره التسوك في آخر النهار في الصيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>