للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلة في خيل بهم دهم)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أني قد رأيت إخواننا.

قالوا: يا رسول الله! ألسنا إخوانك؟! قال: بل أنتم أصحابي، وإخواني الذين لم يأتوا بعد، وأنا فرطهم على الحوض، قالوا: يا رسول الله! كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك؟ قال: أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلة في خيل بهم دهم ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى.

قال: فإنهم يأتون يوم القيامة غراً محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض)].

الفرط: هو السابق الذي تقدم القوم ليهيئ لهم المكان، فإذا جاءوا وجدوا كل شيء مهيأً، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: أنا أتقدمكم يوم القيامة على الحوض؛ حتى يكون على استعداد، فإذا قدمتم علي شربتم من الحوض.

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الواردين على حوض النبي صلى الله عليه وسلم.

قوله: [(قالوا: يا رسول الله! كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك؟ قال: أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلة في خيل بهم دهم ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى.

قال: فإنهم يأتون يوم القيامة غراً محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض)].

هذا فيه فضل الوضوء، وفيه أن من خصائص الأمة الغرة والتحجيل، والغرة هي البياض في الوجه، فيكون في وجوههم نور وبياض يعرفون به من أثر الوضوء، وكذلك في اليدين والرجلين.

وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم تمنى أن يرى إخوانه، فقالوا: يا رسول الله! ألسنا إخوانك؟ قال: أنتم أصحابي، وإخواني الذين يأتون من بعدي.

فقالوا: يا رسول الله! كيف تعرفهم؟ قال: أعرفهم بالعلامة حيث يكونون غراً محجلين، وضرب لهم مثلاً فقال: إن الإنسان إذا كان له خيل محجلة في خيل بهم دهم ألا يعرف هذا من هذا؟ قالوا: بلى.

قال: فكذلك أعرفهم.

وفيه أن الصحابة إخوان وأصحاب، وأما الذين يأتون من بعد فإنهم إخوان وليسوا بأصحاب، فالصحابة لهم وصفان: الأخوة والصحبة، وأما من يأتي من بعد فليس لهم الصحبة، ولكن لهم أصل الأخوة، ولهذا قال: وددت أني رأيت إخواني.

قالوا: ألسنا إخوانك يا رسول الله؟! قال: أنتم أصحابي، وإخواني الذين يأتون من بعدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>